يخادعونكم ليمكروا بكم فلا يسبقوكم إليه والله ما في بني مروان أمكر ولا أبعد غورا من هذه الجرادة الصغرى يعني مسلمة. وكان مروان بن المهلب بالبصرة يحثّ الناس على اللحاق بيزيد أخيه والحسن البصريّ يثبطهم ويتهدّده فلم يكف ثم طلب الذين يجتمعون إليه فافترقوا فأقام مسلمة بن عبد الملك يطاول يزيد بن المهلب ثمانية أيام ثم خرج يوم الجمعة منتصف صغر فعبّى أصحابه وعبّى العبّاس بن الوليد كذلك والتقوا، واشتدّ القتال وأمر مسلمة فأحرق الجسر فسطع دخانه فلما رآه أصحاب يزيد انهزموا واعترضهم يزيد يضرب في وجوههم حتى كثروا عليه فرجع وترجّل في أصحابه وقيل له: قتل أخوك حبيب فقال: لا خير في العيش بعده ولا بعد الهزيمة.
ثم استمات ودلف إلى مسلمة لا يريد غيره فعطف عليه أهل الشام فقتلوه هو وأصحابه، وفيهم أخوه محمد وبعث مسلمة برأسه إلى يزيد بن عبد الملك مع خالد ابن الوليد بن عقبة وقيل إن الّذي قتله الهذيل بن زفر بن الحرث الكلابي وأنف أن ينزل فيأخذ رأسه فأخذه غيره وكان المفضل بن المهلب يقاتل في ناحية المعترك وما علم بقتل يزيد فبقي ساعة كذلك يكرّ ويفرّ حتى أخبر بقتل إخوته فافترق الناس عنه، ومضى إلى واسط وجاء أهل الشام إلى عسكر يزيد فقاتلهم أبو رؤبة رأس الطائفة المرجئة ومعه جماعة منهم صدق، فقاتلوا ساعة من النهار ثم انصرفوا وأسر مسلمة ثلاثمائة أسير حبسهم بالكوفة. وجاء كتاب يزيد إلى محمد بن عمر بن الوليد بقتلهم فأمر العريان بن الهيثم صاحب الشرطة بذلك وبدأ بثمانين من بني تميم فقتلهم. ثم جاء كتاب يزيد بإعفائهم فتركهم وأقبل مسلمة فنزل الحيرة وجاء الخبر بقتل يزيد إلى واسط فقتل ابنه معاوية عديّ بن أرطاة ومحمدا ابنه ومالكا وعبد الملك ابنا مسمع في ثلاثين ورجع إلى البصرة بالمال والخزائن واجتمع بعمّه المفضّل وأهل بيتهم، وتجهزوا للركوب في البحر وركبوا إلى قندابيل وبها وداع بن حميد الأزدي ولّاه عليها يزيد بن المهلب ملجأ لأهل بيته إن وقع بهم ذلك فركبوا البحر بعيالهم وأموالهم إلى جبال كرمان فنزلوا بها واجتمع إليهم الفلّ من كل جانب. وبعث مسلمة مدرك بن ضب الكلبي في طلبهم فقاتلهم وقتل من أصحاب المفضل النعمان بن إبراهيم ومحمد بن إسحاق بن محمد بن الأشعث وأسر ابن صول قهستان، وهرب عثمان بن إسحاق بن محمد بن الأشعث فقتل وحمل رأسه إلى مسلمة بالحيرة ورجع ناس من أصحاب بني المهلب فاستأمنوا وأمّنهم مسلمة منهم مالك بن إبراهيم بن الأشتر والورد