للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبعث هشام عنهم وسألهم فأقرّوا بالجائزة وحلفوا على ما سوى ذلك وأنّ خالدا لم يودعهم شيئا فصدّقهم هشام وبعثهم إلى يوسف فقاتلوا خالدا وصدّقهم الآخر، وعادوا إلى المدينة ونزلوا القادسية. وراسل أهل الكوفة زيدا فعاد إليهم، وقيل في سبب ذلك، إنّ زيدا اختصهم مع ابن عمه جعفر ابن الحسن المثنّى في وقف عليّ، ثم مات جعفر فخاصم أخوه عبد الله زيدا وكانا يحضران عند عامل خالد بن عبد الملك بن الحرث، فوقعت بينهما في مجلسه مشاتمة وأنكر زيد من خالد إطالته للخصومة وأن يستمع لمثل هذا فأغلظ له زيد وسار إلى هشام فحجبه، ثم أذن له بعد حين فحاوره طويلا ثم عرض له بأنه ينكر الخلاف وتنقصه. ثم قال له: أخرج؟ قال: نعم ثم لا أكون إلا بحيث تكره! فسار إلى الكوفة وقال له محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب: ناشدتك الله الحق بأهلك ولا تأت الكوفة وذكّره بفعلهم مع جدّه وجدّه يستعظم ما وقع به. وأقبل الكوفة فأقام بها مستخفيا ينتقل في المنازل واختلف إليه الشيعة وبايعه جماعة منهم: مسلمة بن كهيل ونصر بن خزيمة العبسيّ ومعاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري وناس من وجوه أهل الكوفة يذكر لهم دعوته. ثم يقول: أتبايعون على ذلك؟ فيقولون: نعم فيضع يده على أيديهم ويقول عهد الله عليك وميثاقه وذمّته وذمّة نبيه بيقين تتبعني ولا تقاتلني مع عدوّي ولتنصحنّ لي في السر والعلانية. فإذا قال نعم وضع يده على يده ثم قال: اللَّهمّ اشهد فبايعه خمسة عشر ألفا وقيل أربعون. وأمرهم بالاستعداد وشاع أمره في الناس وقيل: إنه أقام في الكوفة ظاهرا ومعه داود بن عليّ ابن عبد الله بن عبّاس لما جاءوا لمقاتلة خالد فاختلف إليه الشيعة، وكانت البيعة. وبلغ الخبر إلى يوسف بن عمران فأخرجه من الكوفة ولحق الشيعة بالقادسية أو الغلبية وعذله داود بن عليّ في الرجوع معه وذكره حال جدّه الحسين فقالت الشيعة لزيد: هذا إنما يريد الأمر لنفسه ولأهل بيته فرجع معهم ومضى داود إلى المدينة. ولما أتى الكوفة جاءه مسلمة بن كهيل فصدّه عن ذلك وقال أهل الكوفة لا يعوّلون لك. وقد كان مع جدّك منهم أضعاف من معك ولم تعاوله، وكان أعزّ عليهم منك على هؤلاء فقال له: قد بايعوني ووجبت البيعة في عنقي وعنقهم. قال: فتأذن لي أن أخرج من هذا البلد فلا آمن أن يحدث حدث وأنا لا أهلك نفسي، فخرج لليمامة وكتب عبد الله بن الحسن المثنّى إلى زيد يعذله ويصدّه فلم يصغ إليه وتزوّج نساء بالكوفة وكان يختلف إليهنّ والناس يبايعونه، ثم أمر

<<  <  ج: ص:  >  >>