وأمر نصر أن يكتب بولاية سمرقند وطخارستان لمن يرضاه هؤلاء الأربعة. وكان الحرث يقول إنه صاحب السور وإنه يهدم سور دمشق ويزيل ملك بني أمية فأرسل إليه نصر: إن كان ما تقوله حقا فتعال نسير إلى دمشق، وإلا فقد أهلكت عشيرتك.
فقال الحرث: هو حق لكن لا تبايعني عليه أصحابي. قال: فكيف تهلك عشرين ألفا من ربيعة واليمن؟ ثم عرض عليه ولاية ما وراء النهر ويعطيه ثلاثمائة ألف فلم يقبل.
فقال له: فابدأ بالكرمانيّ فأقتله وأنا في طاعتك. ثم اتفقا على تحكيم جهم ومقاتل، فاحتكما بأن يعزله نصر ويكون الأمر شورى. فأتى نصر فخالفه الحرث، وقدم على نصر جمع من أهل خراسان حين سمعوا بالفتنة منهم عاصم بن عمير الضريمي وأبو الديّال الناجي ومسلم بن عبد الرحمن وغيرهم، فكانوا معه وأمر الحرث أن يقرأ سيرته في الأسواق والمساجد، وأتاه الناس وقرئت على باب نصر.
فضرب غلمان نصر قارئها فنادى بهم وتجهّزوا للحرب. ونقب الحرث سور مرو من الليل ودخل بالنهار فاقتتلوا وقتل جهم بن مسعود الناجي وأعين مولى حيّان ونهبوا منزل مسلم بن أحور، فركب سالم حين أصبح فقاتل الحرث وهزمه، وجاء إلى عسكره فقتل كاتبه وبعث نصر إلى الكرمانيّ وكان في الأزد وربيعة وكان موافقا للحرث لما قدّمناه، فجاءه نصر على الأمان وحادثهم وأغلظوا له في القول فارتاب ومضى، وقتل من أصحابه جهم بن صفوان. ثم بعث الحرث ابنه حاتما إلى الكرمانيّ يستجيشه فقال له أصحابه: دع عدويك يضطربان، ثم ضرب بعد يومين وناوش القتال أصحاب نصر فهزمهم، وصرع تميم بن نصر ومسلم بن أحور وخرج نصر من مرو من الغد فقاتلهم ثلاثة أيام وانهزم الكرمانيّ وأصحابه ونادى مناد يا معشر ربيعة واليمن إنّ أبا سيّار قتل فانهزمت مضر ونصر وترجل ابنه تميم فقاتل وأرسل إليه الحرث إني كافّ عنك فإنّ اليمانية يعيّرونني بانهزامكم، فاجعل أصحابك إزاء الكرمانيّ، ولما انهزم نصر غلب الكرمانيّ على مرو ونهب الأموال فأنكر ذلك عليه الحرث، ثم اعتزل عن الحرث بشر بن جرموز الضبيّ في خمسة آلاف وقال: إنما كنا نقاتل معك طلبا للعدل، فأمّا إن اتبعت الكرماني للعصبية فنحن لا نقاتل فدعا الحرث الكرماني إلى الشورى فأبى، فانتقل الحرث عنه وأقاموا أياما. ثم ثلم الحرث السور ودخل البلد وقاتله الكرمانيّ قتالا شديدا فهزمه وقتله وأخاه سوادة. واستولى الكرمانيّ على مرو وقيل إنّ الكرمانيّ خرج مع الحرث لقتال