يفضحه الصبح فانهزم مروان وطعن فسقط في آخر ذي الحجة الحرام وقطع رأسه، وبعث به طليعة أبي عون إليه. فبعثه إلى السفّاح وهرب عبد الله وعبيد الله ابنا مروان إلى أرض الحبشة وقاتلوهم فقتل عبيد الله ونجا عبد الله وبقي إلى أيام المهدي فأخذه عامل فلسطين وسجنه المهدي. وكان طليعة أبي عون عامر بن إسماعيل الحارثي فوجد نساء مروان وبناته في كنيسة بوصير قد وكل بهنّ خادما يقتلهنّ بعده بهنّ صالح ولما دخلن عليه سألنه في الإبقاء فلامهنّ على قتالهم عند بني أمية. ثم عفا عنهنّ وحملهنّ إلى حرّان يبكين. وكان مروان يلقب بالحمار لحرنه في مواطن الحرب. وكان أعداؤه ويلقبونه الجعديّ نسبة إلى الجعد بن درهم كان يقول بخلق القرآن ويتزندق. وأمر هشام خالد القسري بقتله فقتله. ثم تتبعوا بني أمية بالقتل ودخل أسديف [١] يوما على السفّاح وعنده سليمان بن هشام وقد أمّنه والده فقال:
لا يغرّنك ما ترى من رجال ... إنّ بين الضلوع داء دويّا
فضع السيف وارفع السوط حتى ... لا ترى فوق ظهرها أمويّا
فأمر السفاح بسليمان فقتل. ودخل شبل بن عبد الله مولى بني هاشم على عبد الله بن علي وعنده ثمانون أو تسعون من بني أمية يأكلون على مائدته فقال:
أصبح الملك في ثبات الأساس ... بالبهاليل من بني العبّاس
طلبوا أمر هاشم فنعونا ... بعد ميل من الزمان وباس
لا تقيلنّ عبد شمس عثارا ... فاقطعن كلّ رقلة وغراس
فلنا أظهر التودّد منها ... وبها منكم كحزّ المواسي
فلقد غاضني وغاض سوائي ... قربهم من نمارق وكراسي
أنزلوها بحيث أنزلها الله ... بدار الهوان والإتعاس
واذكروا مصرع الحسين وزيدا ... وقتيلا بجانب المهراس
والقتيل الّذي بحرّان أضحى ... ثاويا رهن غربة ونعاس
فأمر بهم عبد الله فشدخوا بالعمد، وبسط من فوقهم الأنطاع فأكل الطعام عليهم وأنينهم يسمع حتى ماتوا، وذلك بنهر أبي فطرس وكان فيمن قتل: محمد بن عبد الملك بن مروان والمعزّ بن يزيد وعبد الواحد بن سليمان وسعيد بن عبد الملك وأبو
[١] سديف: ابن الأثير ج ٥ ص ٤٢٩.