للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيس وبايعوا طواف بن [١] على أن يفتكوا بابن زياد، وكان سبب ذلك أنّ ابن زياد حبس جماعة من الخوارج بالبصرة وحملهم على قتل بعضهم بعضا وخلى سبيل القاتلين ففعلوا وأطلقهم، وكان منهم طوّاف ثم ندموا وعرضوا على أولياء المقتولين القود والدية فأبوا، وأفتاهم بعض علماء الخوارج بالجهاد لقوله تعالى: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا من بَعْدِ ما فُتِنُوا ١٦: ١١٠ الآية، فاجتمعوا للخروج كما قلنا. وسعى بهم إلى ابن زياد فاستعجلوا الخروج وقتلوا رجلا ومضوا إلى الجلحاء كما قلنا. فندب ابن زياد الشرط والمحاربة فقاتلوهم. فانهزم الشرط أوّلا ثم كثرهم الناس فقتلوا عن آخرهم.

واشتد ابن زياد على الخوارج وقتل منهم جماعة كثيرة منهم: عروة بن أدبة أخو مرداس وأدبة أمهما وأبوهما جرير بن تميم. وكان وقف على ابن زياد يوما يعظه فقال أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ٢٦: ١٢٨ الآيات؟ فظن ابن زياد أنّ معه غيره فأخذه وقطعه وقتل ابنيه. وكان أخوه مرداس من عظمائهم وعبّادهم وممن شهد النهروان بالاستعراض ويحرّم خروج النساء ولا يرى بقتال من لا يقاتله. وكانت امرأته من العابدات من بني يربوع وأخذها ابن زياد فقطعها. والحّ ابن زياد في طلب الخوارج وقتلهم وخلّى سبيل مرداس من بينهم لما وصف له من عبادته، ثم خاف فخرج إلى الأهواز وكان يأخذ مال المسلمين إذا مرّ به فيعطي منه أصحابه ويرد الباقي. وبعث ابن زياد إليهم أسلم بن زرعة الكلابي في الغي رجل ودعاهم إلى معاودة الجماعة فأبوا وقاتلوهم فهزموا أسلم وأصحابه فسرّح إليهم ابن زياد عبّاد بن علقمة المازنيّ. ولحقهم بتوج وهم يصلون فقتلهم أجمعين ما بين راكع وساجد لم يتغيروا عن حالهم ورجع إلى البصرة برأس أبي بلال مرداس فرصده عبيدة بن هلال في ثلاثة نفر عند قصر الإمارة ليستفتيه فقتلوه واجتمع عليهم الناس فقتلوا منهم وكان على البصرة عبيد الله بن أبي بكرة فأمره زياد بتتبع الخوارج إلى أن تقدّم فحبسهم، وأخذ الكفلاء على بعضهم وأتى بعروة بن أدبة فقال أنا كفيلك وأطلقه. ولما جاء ابن زياد قتل المحبوسين منهم والمكفولين، وطالب ابن أبي بكرة بعروة بن أدبة فبحث عنه حتى ظفر به وجاء به إلى ابن زياد فقطعه وصلبه سنة ثمان وخمسين. ثم مات يزيد واستفحل أمر ابن الزبير بمكة وكان الخوارج لما اشتدّ عليهم ابن زياد بعد قتل أبي بلال مرداس أشار عليهم


[١] ضوّاف بن غلّاق: ابن الأثير ج ٣ ص ٥١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>