ما يلي نجران سعد الطلائع، ورجع إلى البحرين وقطع الميرة عن الحرمين. وكتب إليه ابن عبّاس أنّ ثمامة بن أشاك [١] لما أسلم قطع الميرة عن مكة وهم مشركون، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّ أهل مكة أهل الله فلا تمنعهم الميرة فخلّاها لهم، وانك قطعت الميرة ونحن مسلمون فخلّاها لهم نجدة. ثم اختلف إليه أصحابه لأنّ أبا سنان حييّ بن وائل أشار عليه بقتل من أطاعه تقية، فانتهره نجدة وقال: إنما علينا أن نحكم بالظاهر. وأغضبه عطية في منازعة جرت بينهما على تفضيله لسرية البرّ على سرية البحر في الغنيمة فشتمه نجدة فغضب وسأله في درء الحدّ في الخمر عن رجل من شجعانهم فأبى، وكاتبه عبد الملك في الطاعة على أن يولّيه اليمامة ويهدر له ما أصاب من الدماء فاتّهموه في هذه المكاتبة ونقموا عليه أمثال هذه، وفارقه عطية إلى عمان. ثم انحازوا عنه وولّوا أمرهم أبا فديك عبد الله بن ثور أحد بني قيس بن ثعلبة واستخفى نجدة وألح أبو فديك في طلبه وكان مستخفيا في قرية من قرى حجر. ثم نذر به فذهب إلى أخواله من تميم وأجمع المسير إلى عبد الملك، فعلم به أبو فديك، وجاءت سرية منهم وقاتلهم فقتلوه. وسخط قتله جماعة من أصحاب أبي فديك وأعتمده مسلم بن جبير فطعنه اثنتي عشر طعنة وقتل مسلم لوقته، وحمل أبو فديك إلى منزله، ثم جاء مصعب إلى البصرة سنة ثمان وستين واليا على العراقين عن أخيه، وكان المهلّب في حرب الأزارقة فأراد مصعب أن يولّيه بلاد الموصل والجزيرة وأرمينية، ليكون بينه وبين عبد الملك فاستقدمه من فارس وولّاه، وولّى على فارس وحرب الأزارقة عمر بن عبد الله بن معمر. وكان الخوارج قد ولّوا عليهم بعد قتل عبد الله بن الماخور سنة خمس وستين أخاه الزبير فجاءوا به إلى إصطخر، وقدم عمر ابنه عبيد الله إليهم فقتلوه ثم قاتل الزبير عمر فهزمهم وقتل منهم سبعون. وفلق قطري بن الفجاءة وشتر صالح بن مخراق وساروا إلى نيسابور، فقاتلهم عمر بها وهزمهم، فقصدوا أصبهان فاستحموا بها. ثم أقبلوا إلى فارس وتجنّبوا عسكر عمر ومروا على ساجور ثم أرّجان، فأتوا الأهواز قاصدين العراق.
وأغذ عمر السير في أثرهم، وعسكر مصعب عند الجسر. فسار الزبير بالخوارج فقطع أرض صرصر وشنّ الغارة على أهل المدائن يقتلون الولدان والرجال، ويبقرون بطون الحبالى، وهرب صاحب المدائن عنها وانتهت جماعة منهم إلى الكرخ، فقاتلهم أبو