(ثم خرج أبو فديك) من بني قيس بن ثعلبة فغلب على البحرين وقتل نجدة بن عامر الحنفيّ كما مرّ. وهزم خالدا فكتب إلى عبد الملك بذلك، وأمر عبد الملك عمر بن عبيد الله بن معمر أن يندب الناس من أهل الكوفة والبصرة ويسير لقتال أبي فديك. فانتدب معه عشرة آلاف وسار بهم وأهل الكوفة على ميمنته عليهم محمد بن موسى بن طلحة بن عبيد الله، وأهل البصرة في ميسرته عليهم عمر بن موسى أخيه، وهو في القلب وانتهوا إلى البحرين واصطفوا للقتال وحملوا على أبي فديك وأصحابه فكشفوا ميسرته حتى أبعدوا إلا المغيرة بن المهلب ومجاعة وعبد الرحمن وفرسان الناس فإنّهم مالوا إلى أهل الكوفة بالميمنة ورجع أهل الميسرة. وحمل أهل الميمنة على الخوارج فهزموهم واستباحوا عسكرهم وقتلوا أبا فديك وحصروا أصحابه بالمشقر حتى نزلوا على الحكم فقتل منهم ستة آلاف وأسر ثمانمائة وذلك سنة ثلاث وسبعين. ثم ولّى عبد الملك أخاه بشرا على البصرة فسار إليها وأمره أن يبعث المهلّب إلى حرب الأزارقة وأن ينتخب من أهل البصرة من أراد ويتركه ورأيه في الحرب ويمدّه بعسكر كثيف من أهل الكوفة مع رجل معروف بالنجدة. فبعث المهلّب لانتخاب الناس جديع بن سعيد بن قبيصة وشق على بشر أن ولاية المهلّب من عبد الملك وأوغرت صدره فبعث على عسكر الكوفة عبد الرحمن ابن مخنف وأغراه بالمهلّب في ترك مشورته وتنغّصه. وسار المهلّب إلى رامهرمز وبها الخوارج وأقبل ابن مخنف في أهل الكوفة فنزل على ميل منه بحيث يتراءى العسكران. ثم أتاهم نبأ بشر ابن مروان وأنه استخلف خالد بن عبد الله بن خالد على البصرة وخليفته على الكوفة عمر بن حريث فافترق ناس كثيرة من أهل البصرة وأهل الكوفة فنزلوا الأهواز وكتب إليهم خالد بن عبد الله يتهدّدهم فلم يلتفتوا إليه. وأقبل أهل الكوفة إلى الكوفة وكتب إليهم عمر بن حريث بالنكير والعود إلى المهلّب ومنعهم الدخول فدخلوا ليلا إلى بيوتهم (ثم قدم الحجّاج) أميرا على العراقين سنة خمس وسبعين فخطب بالكوفة خطبته المعروفة كان منها: «ولقد بلغني رفضكم المهلّب وإقبالكم إلى مصركم عاصين مخالفين، وأيم الله لا أجد أحدا من عسكره بعد ثلاثة إلّا ضربت عنقه وأنهب داره» . ثم دعا العرفاء وقال ألحقوا الناس بالمهلّب وأتوني بالبراءة بموافاتهم، ولا تغلقنّ أبواب الجسر. ووجد عمر بن ضابىء من المتخلفين وأخبر أنه من قتلة عثمان فقتله فأخر جند المهلّب وازدحموا على الجسر وجاء العرفاء إلى المهلّب برامهرمز