للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانهزم داود وقتل وكتب مروان إلى ابن هبيرة أن يبعث إليه عامر بن ضبابة المزنيّ فبعثه في ثمانية آلاف وبعث شيبان لاعتراضه الجون بن كلاب الخارجي في جمع فانهزم عامر وتحصّن بالسند وجعل مروان يمدّه بالجنود وكان منصور بن جمهور بالجبل يمدّ شيبان بالأموال. ثم كثرت جموع عامر فخرج إلى الجون والخوارج اللذين يحاصرونه فهزمهم وقتل الجون وسار قاصدا الخوارج بالموصل، فارتحل شيبان عنها وقدم عامر على مروان فبعثه في اتباع شيبان، فمرّ على الجبل وخرج على بيضاء


[ () ] والضحاك على أن يدخل في طاعته. فدخل وصلى خلفه وانصرف إلى الكوفة. وأقام ابن عمر فيمن معه بواسط. ودخل الضحّاك الكوفة، وكاتبه أهل الموصل ودعوه إلى أن يقدم عليهم فيمكنوه منها، فسار في جماعة جنوده بعد عشرين شهرا حتى انتهى اليها، وعليها يومئذ عامل لمروان وهو رجل من بني شيبان من أهل الجزيرة، يقال له القطران بن أكمه. ففتح أهل الموصل المدينة للضحّاك، وقاتلهم القطران في عدّة يسيرة من قومه وأهل بيته حتى قتلوا. واستولى الضحّاك على الموصل وكورها، وبلغ مروان خبره وهو محاصر حمص مشتغل بقتال أهلها. فكتب إلى ابنه عبد الله وهو خليفته بالجزيرة يأمره أن يسير فيمن معه من روابطه إلى مدينة نصيبين يشغل الضحّاك عن توسط الجزيرة فشخص عبد الله إلى نصيبين في جماعة روابطه وهو في نحو من سبعة آلاف أو ثمانية، وخلف بحرّان قائدا في ألف أو نحو ذلك. وسار الضحاك من الموصل إلى عبد الله بنصيبين فقاتله فلم يكن له قوّة لكثرة من مع الضحّاك، فهو فيما بلغنا عشرون ومائة ألف..
وأقام الضحّاك على نصيبين محاصرا لها ووجّه قائدين من قواده ( ... ) حتى وردا الرقة فقاتلهم من بها من خيل مروان وهم نحو من خمسمائة فارس. ووجه مروان حين بلغه نزولهم الرقة خيلا من روابطه، فلما دنوا منها انقشع أصحاب الضحّاك منصرفين إليه فاتبعتهم خيله فاستسقطوا من ساقتهم نيّفا وثلاثين رجلا، فقطعهم مروان حين قدم الرقة ومضى صامدا إلى الضحّاك وجموعه حتى التقيا بموضع يقال له الغزّ من أرض كفرتوثا فقاتله يومه ذلك. فلما كان عند المساء ترجّل الضحاك وترجل معه من ذوي الثبات من أصحابه نحو من ستة آلاف، وأهل عسكره أكثرهم لا يعلمون بما كان منه وأحدقت بهم خيول مروان، فالحّوا عليهم حتى قتلوهم عند العتمة. وانصرف من بقي من أصحاب الضحّاك إلى عسكرهم، ولم يعلم مروان ولا أصحاب الضحّاك أن الضحّاك قد قتل فيمن قتل حتى فقدوه في وسط الليل.
وجاءهم بعض من عيانه حين ترجل فأخبرهم بخبره ومقتله فبكوه وناحوا عليه. وخرج عبد الملك بن بشر التغلبيّ القائد الّذي كان وجهه في عسكرهم إلى الرقة حتى دخل عسكر مروان، ودخل عليه فاعلمه أن الضحاك قتل. فأرسل معه رسلا من حرسه معهم النيران والشمع إلى موضع المعركة، فقلبا القتلى حتى استخرجوه فاحتملوه حتى أتوا به مروان وفي وجهه أكثر من عشرين ضربة، فكبّر أهل عسكر مروان، فعرف أهل عسكر الضحّاك أنهم قد علموا بذلك. وبعث مروان برأسه من ليلته إلى مدائن الجزيرة فطيف به فيها. وقيل: إن الخيبريّ والضحّاك انما قتلا سنة ١٢٩.
راجع الكامل في التاريخ لابن الأثير ج ٥ ص ٣٤٨- ٣٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>