وأقام الضحّاك على نصيبين محاصرا لها ووجّه قائدين من قواده ( ... ) حتى وردا الرقة فقاتلهم من بها من خيل مروان وهم نحو من خمسمائة فارس. ووجه مروان حين بلغه نزولهم الرقة خيلا من روابطه، فلما دنوا منها انقشع أصحاب الضحّاك منصرفين إليه فاتبعتهم خيله فاستسقطوا من ساقتهم نيّفا وثلاثين رجلا، فقطعهم مروان حين قدم الرقة ومضى صامدا إلى الضحّاك وجموعه حتى التقيا بموضع يقال له الغزّ من أرض كفرتوثا فقاتله يومه ذلك. فلما كان عند المساء ترجّل الضحاك وترجل معه من ذوي الثبات من أصحابه نحو من ستة آلاف، وأهل عسكره أكثرهم لا يعلمون بما كان منه وأحدقت بهم خيول مروان، فالحّوا عليهم حتى قتلوهم عند العتمة. وانصرف من بقي من أصحاب الضحّاك إلى عسكرهم، ولم يعلم مروان ولا أصحاب الضحّاك أن الضحّاك قد قتل فيمن قتل حتى فقدوه في وسط الليل. وجاءهم بعض من عيانه حين ترجل فأخبرهم بخبره ومقتله فبكوه وناحوا عليه. وخرج عبد الملك بن بشر التغلبيّ القائد الّذي كان وجهه في عسكرهم إلى الرقة حتى دخل عسكر مروان، ودخل عليه فاعلمه أن الضحاك قتل. فأرسل معه رسلا من حرسه معهم النيران والشمع إلى موضع المعركة، فقلبا القتلى حتى استخرجوه فاحتملوه حتى أتوا به مروان وفي وجهه أكثر من عشرين ضربة، فكبّر أهل عسكر مروان، فعرف أهل عسكر الضحّاك أنهم قد علموا بذلك. وبعث مروان برأسه من ليلته إلى مدائن الجزيرة فطيف به فيها. وقيل: إن الخيبريّ والضحّاك انما قتلا سنة ١٢٩. راجع الكامل في التاريخ لابن الأثير ج ٥ ص ٣٤٨- ٣٤٩.