وولّى السفّاح على البصرة سفيان بن معاوية المهلّبيّ، ثم عزله وولى مكانه عمّه سليمان بن عليّ وأضاف إليه كور دجلة والبحرين وعمان. وولّى عمّه إسماعيل بن عليّ الأهواز وعمّه عبد الله بن عليّ على الشام، وأبا عون عبد الملك ابن يزيد على مصر، وأبا مسلم على خراسان، وبرمك على ديوان الخراج. وولى عمّه عيسى بن عليّ على فارس، فسبقه إليها محمد بن الأشعث من قبل أبي مسلم. فلما قدم عليه عيسى همّ محمد بقتله، وقال أمرني أبو مسلم أن أقتل من جاءني بولاية من غيره. ثم أقصر عن قتله واستحلفه بأيمان لا مخارج لها أن لا يعلو منبرا ما عاش ولا يتقلد سيفا إلا في جهاد فوفّى عيسى بذلك بقية عمره. واستعمل بعده على فارس عمّه إسماعيل بن علي واستعمل على الموصل محمّد بن صول فطرده أهلها وقالوا: بل علينا تولّى خثعم، وكانوا منحرفين عن بني العبّاس، فاستعمل السفّاح عليهم أخاه يحيى وبعثه في اثني عشر ألفا، فنزل قصر الإمارة وقتل منهم اثني عشر رجلا، فثاروا به وحمل السلاح فنودي فيهم بالأمان لمن دخل المسجد الجامع فتسايل الناس إليه، وقد أقام الرجال على أبوابه فقتلوا كل من دخل. يقال: قتل أحد عشر ألفا ممن لبس وما لا يحصى من غيرهم. وسمع صياح النساء بالليل فأمر من الغد بقتل النساء والصبيان، واستباحهم ثلاثة أيام. وكان في عسكره أربعة آلاف من الزنوج فعانوا في النساء. وركب في اليوم الرابع وبين يديه الحراب والسيوف فاعترضته امرأة وأخذت بعنان دابته وقالت له: ألست من بني هاشم؟ ألست ابن عمّ الرسول؟ أما تعلم أنّ المؤمنات المسلمات ينكحهنّ الزنوج؟ فأمسك عنها وجمع الزنج من الغد للعطاء، وأمر بهم فقتلوا عن آخرهم. وبلغ السفّاح سوء أمره في أهل الموصل فعزله، وولّى مكانه إسماعيل بن عليّ، وولّى يحيى مكان إسماعيل بالأهواز وفارس. وملك الروم ملطية وقاليقلا. وفي سنة ثلاث وثلاثين أقبل قسطنطين ملك الروم فحصر ملطية والفتن يومئذ بالجزيرة، وعاملها يومئذ موسى بن كعب بن أسان. فلم يزل حاصرهم حتى نزلوا على الأمان وانتقلوا إلى بلاد الجزيرة، وحملوا ما قدروا عليه. وخرّب الروم ملطية وسار عنها إلى مرج الحصى [١] ، وأرسل قسطنطين العساكر إلى قاليقلا من نواحي ماردين مع قائده كوشان الأرمنيّ فحصرها وداخل بعض الأرمن من أهل المدينة فنقبوا له السور فاقتحم البلد من ذلك النقب واستباحها.