للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبق إلا البصرة. ثم إنّ المنصور كتب إلى محمد المهدي كتاب أمان فأجابه عنه بالردّ والتعريض بأمور في الأنساب والأحوال، فأجابه المنصور عن كتابه بمثل ذلك وانتصف كل واحد منهما لنفسه بما ينبغي الإعراض عنه مع أنهما صحيحان مرويان نقلهما الطبري في كتاب الكامل فمن أراد الوقوف فليلتمسها في أماكنها [١] . ثم إنّ محمدا المهدي استعمل على مكة محمد بن الحسن بن معاوية بن عبد الله ابن جعفر وعلى اليمن القاسم بن إسحاق وعلى الشام موسى بن عبد الله. فسار محمد بن الحسن إلى مكة والقاسم معه ولقيهما السريّ بن عبد الله عامل مكة ببطن أذاخر فانهزم. وملك محمد مكّة حتى استنفره المهدي لقتال عيسى بن موسى فنفر هو والقاسم بن عبيد الله، وبلغهما قتل محمد بنواحي قديد فلحق محمد بإبراهيم، فكان معه بالبصرة واختفى القاسم بالمدينة حتى أخذت له الأمان امرأة عيسى، وهي بنت عبد الله بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن جعفر. وأمّا موسى بن عبد الله فسار إلى الشام فلم يقبلوا منه فرجع إلى المدينة ثم لحق بالبصرة مختفيا وعثر عليه محمد بن سليمان بن عليّ وعلى ابنه عبد الله وبعث بهما إلى المنصور فضربهما وحبسهما. ثم بعث المنصور عيسى ابن موسى إلى المدينة لقتال محمد فسار في الجنود ومعه محمد بن أبي العبّاس بن السفّاح وكثيّر بن حصين العبديّ وحميد بن قحطبة وهوازمرّد [٢] وغيرهم، فقال له: إن ظفرت فأغمد سيفك وابذل الأمان وإن تغيب فخذ أهل المدينة فإنّهم يعرفون مذاهبه ومن لقيك من آل أبي طالب فعرفني به ومن لم يلقك فاقبض ماله. وكان جعفر الصادق فيمن تغيب، فقبض ماله. ويقال إنه طلبه من المنصور لما قدم بالمدينة بعد ذلك فقال: قبضه مهديّكم. ولما وصل عيسى إلى فئته كتب إلى نفر من أهل المدينة ليستدعيهم منهم: عبد العزيز بن المطّلب المخزومي وعبيد الله بن محمد بن صفوان الجمعيّ وعبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب فخرج إليه عبد الله هو وأخوه عمر وأبو عقيل محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل. واستشار المهدي أصحابه في القيام بالمدينة ثم في الخندق عليها، فأمر بذلك اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وحفر الخندق الّذي حفره رسول الله صلى الله عليه وسلم للأحزاب. ونزل عيسى الأعرض [٣] ، وكان محمد قد منع الناس من الخروج


[١] وهما مرويان أيضا في الكامل لابن الأثير ج ٥ ص ٥٣٦- ٥٤٢.
[٢] هزارمرد: ابن الأثير ج ٥ ص ٥٤٤.
[٣] الأعرض: ابن الأثير ج ٥ ص ٥٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>