يزيد بن منصور وفي سنة خمس وأربعين بل أربع وخمسين عزل عن الجزيرة أخاه العبّاس وأغرمه مالا، وولّى مكانه موسى بن كعب الخثعميّ، وكان سبب عزله شكاية يزيد بن أسيد منه، ولم يزل ساخطا على العبّاس حتى غضب على عمه إسماعيل، فشفع فيه إخوته عمومة المنصور فقال عيسى بن موسى: يا أمير المؤمنين شفعوا في أخيهم وأنت ساخط على أخيك العبّاس منذ كذا! ولم يكلمك فيه أحد منهم فرضي عنه. وفي سنة خمس وخمسين عزل محمد بن سليمان عن الكوفة وولّى مكانه عمر بن زهير الضبّي أخا المسيّب صاحب الشرطة، وكان من أسباب عزله، أنه حبس عبد الكريم بن أبي العوجاء خال معن بن زائدة على الزندقة، وكتب إليه أن يتبين أمره فقتله قبل وصول الكتاب، فغضب عليه المنصور وقال: لقد هممت أن أقيده به. وعزل عمه عيسى في أمره لأنه الّذي كان أشار بولايته. وفيها عزل الحسن بن زيد عن المدينة وولّى مكانه عمه عبد الصمد بن علي، وكان على الأهواز وفارس عمارة بن حمزة. وفي سنة سبع وخمسين ولّى على البحرين سعيد بن دعلج صاحب الشرطة بالبصرة، فأنفذ إليها ابنه تميما ومات سوار بن عبد الله قاضي البصرة فولّى مكانه عبيد الله بن الحسن بن الحصين العيريّ. وعزل محمد بن الكاتب عن مصر وولّى مكانه مولاه مطرا وعزل هشام بن عمر عن السّند وولّى مكانه معبد بن الخليل. وفي سنة ثمان وخمسين عزل موسى بن كعب عن الموصل لشيء بلغه عنه فأمر ابنه المهديّ أن يسير إلى الرقّة موريا بزيارة القدس ويكفل طريقة على الموصل فقبض عليه، وكان المنصور قد ألزم خالد بن برمك ثلاثة آلاف ألف درهم وأجّله في إحضارها ثلاثا وإلا قتله، فبعث ابنه يحيى إلى عمارة بن حمزة ومبارك التركي وصالح صاحب المصلّى وغيرهم من القوّاد ليستقرض منهم، قال يحيى:
فكلهم بعث إلا أنّ منهم من منعني الدخول ومنهم من يجيبني بالردّ إلا عمارة بن حمزة فإنه أذن لي ووجهه إلى الحائط، ولم يقبل عليّ، وسلّمت فردّ خفيفا، وسأل كيف خالد فعرّفته واستقرضته فقال: إن أمكنني شيء يأتيك فانصرفت عنه. ثم أنفذ المال فجمعناه في يومين وتعذرت ثلاثمائة ألف. وورد على المنصور انتقاض الموصل والجزيرة وانتشار الأكراد بها، وسخط موسى بن كعب فأشار عليه المسيّب بن زهير بخالد بن برمك فقال: كيف يصلح بعد ما فعلنا؟ فقال: أنا ضامنه فصفح له عما بقي عليه، وعقد له على الموصل، ولابنه يحيى على أذربيجان. وسارا مع المهدي