للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالرقّة وفوّض إليه الأمور، وكتب إلى الآفاق بذلك، فنزل على هرقل [١] فحاصرها ثلاثين يوما وافتتحها وسبى أهلها وغنم ما فيها. وبعث داود بن عيسى بن موسى في سبعين ألفا غازيا في أرضهم ففتح الله عليه وخرّب ونهب ما شاء. وفتح شراحيل بن معن بن زائدة حصن الصّقالبة وديسة [٢] وافتتح يزيد بن مخلد حصن الصّفصاف وقونية [٣] ، وأناخ عبد الله بن مالك على حصن ذي الكلاع واستعمل الرشيد حميد بن معيوب [٤] على الأساطيل ممن بسواحل الشام ومصر إلى قبرس، فهزم وحرّق وسبى من أهلها نحوا من سبعة عشر ألفا وجاء بهم إلى الواقعة [٥] فبايعوا بها وبلغ فداء أسقف قبرس ألفي دينار. ثم سار الرشيد إلى حلوانة [٦] فنزل بها وحاصرها، ثم رحل عنها وخلف عليها عقبة بن جعفر وبعث يقفور بالخراج والجزية عن رأسه أربعة دنانير، وعن ابنه دينارين وعن بطارقته كذلك، وبعث يقفور في جارية من بني هرقلة [٧] وكان خطبها ابنه فبعث بها إليه. ونقض في هذه السنة قبرس فغزاهم معيوب بن يحيى فأثخن فيهم وسباهم ولما رجع الرشيد من غزاته خرجت الروم إلى عين زربة والكنيسة السوداء وأغاروا ورجعوا فاستنقذ أهل المصيصة ما حملوه من الغنائم. وفيها غزا يزيد بن مخلد الهبيري أرض الروم في عشرة آلاف فأخذت الروم عليه المضايق فانهزم، وقتل في خمسين من أصحابه على مرحلتين من طرسوس. واستعمل الرشيد على الصائفة هرثمة بن أعين قبل أن يولّيه خراسان وضمّ إليه ثلاثين ألفا من أهل خراسان، وأخرجه إلى الصائفة وسار بالعساكر الإسلامية في أثره ورتّب بدرب الحرث عبد الله بن مالك وبمرعش سعيد بن مسلم بن قتيبة، وأغارت الروم عليه فأصابوا من المسلمين وانصرفوا ولم يتحرّك من مكانه.

وبعث الرشيد محمد بن زيد بن مزيد إلى طرسوس وأقام هو بدرب الحرث وأمر قوّاده بهدم الكنائس في جميع الثغور وأخذ أهل الذمّة بمخالفة زيّ المسلمين في ملبوسهم


[١] هرقلة: ابن الأثير ج ٦ ص ١٩٥.
[٢] دلسة: ابن الأثير ج ٦ ص ١٩٦.
[٣] ملقونية: ابن الأثير ج ٦ ص ١٩٦.
[٤] حميد بن معيوف: ابن الأثير ج ٦ ص ١٩٦.
[٥] الرافقة: ابن الأثير ج ٦ ص ١٩٦.
[٦] طوانة: ابن الأثير ج ٦ ص ١٩٦.
[٧] الجارية هي من سبي هرقلة: المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>