للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضاق الحصار واشتدّ كلب العيّارين فهزموا عبيد الله بن الوضّاح وغلبوه على الشماسية. وجاء هرثمة ليعينه فهزموه أيضا وأسروه ثم خلصه أصحابه. وعقد طاهر جسرا فوق الشماسية وعبر إليهم وقاتلهم أشدّ قتال فردّهم على أعقابهم، وقاتل منهم بشرا كثيرا وعاد ابن الوضّاح إلى مركزه وأحرق منازل الأمين بالخيزرانيّة، وكانت النفقة فيها بلغت عشرين ألف درهم. وأيقن الأمين بالهلاك وفرّ منه عبد الله بن حازم ابن خزيمة إلى المدائن لأنه اتّهمه وحمل عليه السفلة والغوغاء. ويقال بل كاتبه طاهر وقبض ضياعه فخرج عن الأمين وقصد الهرش ومن معه جزيرة العبّاس من نواحي بغداد فقاتلهم بعض أصحاب طاهر وهزموهم وغرق منهم خلق كثير وضجر الأمين وضعف أمره وسار المؤتمن بن الرشيد إلى المأمون فولّاه جرجان وكاتب طاهر خزيمة بن حازم ومحمد بن علي بن موسى بن ماهان وأدخلهما في خلع الأمين فأجاباه ووثبا آخر محرّم من سنة ثمان وتسعين فقطعا جسر دجلة وخلع الأمين وبعث إلى هرثمة وكان بإزائهما فسار إليهما من ناحيته ودخل عسكر المهدي وملكه وقدم طاهر من الغد إلى المدينة والكرخ فقاتلهم وهزمهم وملكها عنوة ونادى بالأمان ووضع الجند بسوق الكرخ وقصر الوضّاح وأحاط بمدينة المنصور وقصر زبيدة وقصر الخلد من باب الجسر إلى باب البصرة وشاطئ الصراة إلى مصبها في دجلة ونصب عليها المجانيق. واعتصم الأمين في أمّه وولده بمدينة المنصور، واشتدّ عليه الحصار وثبت معه حاتم بن الصقر والحريشيّ والأفارقة. وافترق عامّة الجنود والخصيان والجواري في الطرق وجاء محمد بن حاتم بن الصقر ومحمد بن إبراهيم بن الأغلب الإفريقي إلى الأمين وقالا له بقي من خيلك سبعة آلاف فرس نختار سبعة آلاف فنجعلهم عليها ونخرج على بعض الأبواب ولا يشعر بنا أحد ونلحق بالجزيرة والشام فيكون ملك جديد، وربما مال إليك الناس ويحدث الله أمرا فاعتزم على ذلك وبلغ الخبر إلى طاهر فكتب إلى سليمان بن المنصور ومحمد بن عيسى بن نهيك والسندي بن شاهك يتهدّدهم إن لم يصرفوه عن ذلك الرأي. فدخلوا على الأمين وحذّروه من ابن الصقر وابن الأغلب أن يجعل نفسه في أيديهم فيتقرّبوا به إلى طاهر وأشاروا عليه بطلب الأمان على يد هرثمة بن أعين والخروج إليه وخالفهم إليه ابن الصقر وابن الأغلب. وقالوا له إذا ملت إلى الخوارج فطاهر خير لك من هرثمة فأبى وتطيّر من طاهر وأرسل إلى هرثمة يستأمنه. فأجابه أنه يقاتل في أمانة المأمون فمن دونه

<<  <  ج: ص:  >  >>