ابن خاقان، وأرادوه على الخلع فأبى واستمات فأخرجوا رقعة بخطّه لموسى بن بغا وبابكيال وجماعة القوّاد أنه لا يغدر بهم ولا يقاتلهم ولا يهمّ بذلك، ومتى فعل شيئا من ذلك فقد جعل أمر الخلافة بأيديهم يولّون من شاءوا فاستحلّوا بذلك أمره وقتلوه.
وقيل في سبب خلعه غير هذا وهو أنّ أهل الكرخ والدور من الأتراك طلبوا الدخول على المهتدي ليكلّموه فأذن لهم وخرج محمد بن بغا إلى المحمديّة ودخلوا في أربعة آلاف، فطلبوا أن يعزل عنهم قوّاده ويصادرهم وكتّابهم على الأهواز، ويصير الأمر إلى إخوته فوعدهم بالإجابة وأصبحوا من الغد يطلبون الوفاء بما وعدهم به، فاعتذر لهم بالعجز عن ذلك إلا بسياسة ورفق فأبوا إلّا المعاجلة، فاستخلفهم على القيام معه في ذلك بإيمان البيعة فحلفوا، ثم كتبوا إلى محمد بن بغا عن المهتدي وعنهم يعذلونه في غيبته عن مجلسهم مع المهتدي، وأنهم إنما جاءوا بشكوى حالهم ووجدوا الدار خالية فأقاموا ورجع محمد بن بغا فحبسوه في الأموال وكتبوا إلى موسى بن بغا ومفلح بالقدوم وتسليم العسكر إلى من ذكروه لهم، وبعثوا من يقيدهما إن لم يأتمرا ذلك. ولما قرئت الكتب على موسى وأصحابه امتنعوا لذلك وساروا نحو سامرّا، وخرج المهتدي لقتالهم على التعبية وتردّدت الرسل بينهم بطلب موسى أن يولّى على ناحية ينصرف إليها، ويطلب أصحاب المهتدي أن يحضر عندهم فيناظرهم على الأموال إلى أن انفضّ عنهم أصحابه وسار هو ومفلح على طريق خراسان، ورجع بابكيال وجماعة من القوّاد إلى المهتدي فقتل بابكيال ثم أنف الأتراك من مساواة الفراغنة والمغاربة لهم وأرادوا طردهم فأبى المهتدي ذلك، فخرج الأتراك عن الدار بأجمعهم طالبين ثأر بابكيال فركب المهتدي على التعبية في ستة آلاف من الفراغنة والمغاربة ونحو ألف من الأتراك أصحاب صالح بن وصيف، واجتمع الأتراك للحرب في عشرة آلاف فانهزم المهتدي وكان ما ذكرناه من شأنه. ثم أحضر أبو العبّاس أحمد بن المتوكل وكان محبوسا بالجوسق فبايعه الناس. وكتب الأتراك إلى موسى بن بغا وهو غائب فحضر وكملت البيعة لأحمد بن المتوكل ولقب المعتمد على الله، واستوزر عبيد الله بن خاقان فأصبح المهتدي ثانى يوم البيعة ميتا منتصف رجب من سنة ست وخمسين على رأس سنة من ولايته. ولم يزل ابن خاقان في وزارته إلى أن هلك سنة ثلاث وستين من سقطة بالميدان سال فيها دماغه من منخريه، فاستوزر محمد بن مخلد، ثم سخط عليه موسى بن بغا واختلفا فاستوزر مكانه سليمان بن وهب، ثم عزله وحبسه وولّى