وإن لم يكن في المصر ملك فلا بدّ فيه من رئاسة ونوع استبداد من بعض أهله على الباقين وإلّا انتقض عمرانه وذلك الرّئيس يحملهم على طاعته والسّعي في مصالحه إمّا طوعا ببذل المال لهم ثمّ يبدي لهم ما يحتاجون إليه من الضّروريّات في مصره فيستقيم عمرانهم وإمّا كرها إن تمّت قدرته على ذلك ولو بالتّغريب بينهم حتّى يحصل له جانب منهم يغالب به الباقين فيضطرّ الباقون إلى طاعته بما يتوقّعون لذلك من فساد عمرانهم وربّما لا يسعهم مفارقة تلك النّواحي إلى جهات أخرى لأنّ كلّ الجهات معمور بالبدو الّذين غلبوا عليها ومنعوها من غيرها فلا يجد هؤلاء ملجأ إلّا طاعة المصر فهم بالضّرورة مغلوبون لأهل الأمصار والله قاهر فوق عباده وهو الواحد الأحد القهّار.