للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمّا كان كتامة القائمين بدولة العبيديّين أكثر من صنهاجة ومن المصامدة كانت دولتهم أعظم فملكوا إفريقية والمغرب والشّام ومصر والحجاز ثمّ انظر بعد ذلك دولة زناتة لمّا كان عددهم أقلّ من المصامدة قصّر ملكهم عن ملك الموحّدين لقصور عددهم عن عدد المصامدة منذ أوّل أمرهم ثمّ اعتبر بعد ذلك حال الدّولتين لهذا العهد لزناتة بني مرين وبني عبد الواد، كانت دولتهم أقوى منها وأوسع نطاقا وكان لهم عليهم الغلب مرّة بعد أخرى. يقال إنّ عدد بني مرين لأوّل ملكهم كان ثلاثة آلاف وإنّ بني عبد الواد كانوا ألفا إلّا أنّ الدّولة بالرّفه وكثرة التّابع كثّرت من أعدادهم وعلى هذه النّسبة في أعداد المتغلّبين لأوّل الملك يكون اتّساع الدّولة وقوّتها وأمّا طول أمدها أيضا فعلى تلك النّسبة لأنّ عمر الحادث من قوّة مزاجه ومزاج الدّول إنّما هو بالعصبيّة فإذا كانت العصبيّة قويّة كان المزاج تابعا لها وكان أمد العمر طويلا والعصبيّة إنّما هي بكثرة العدد ووفوره كما قلناه والسّبب الصّحيح في ذلك أنّ النّقص إنّما يبدو في الدّولة من الأطراف فإذا كانت ممالكها كثيرة كانت أطرافها بعيدة عن مركزها وكثيرة وكلّ نقص يقع فلا بدّ له من زمن فتكثر أزمان النّقص لكثرة الممالك واختصاص كلّ واحد منها بنقص وزمان فيكون أمدها أطول الدّول لا بنو العبّاس أهل المركز ولا بنو أميّة المستبدون بالأندلس [١] . ولم ينقص أمر جميعهم إلّا بعد الأربعمائة من الهجرة ودولة العبيديّين كان أمدها قريبا من مائتين وثمانين سنة ودولة صنهاجة دونهم من لدن تقليد معزّ الدّولة أمر إفريقية لبلكين بن زيري في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة إلى حين استيلاء الموحّدين على القلعة وبجاية سنة سبع وخمسين وخمسمائة ودولة الموحّدين لهذا العهد تناهز مائتين وسبعين سنة وهكذا نسب الدّول في أعمارها على نسبة القائمين بها سنّة الله الّتي قد خلت في عباده.


[١] هناك تشويش في معنى العبارة وربما تكون العبارة: يتساوى في ذلك بنو العباس أهل المركز وبنوا أمية المستبدون بالأندلس.

<<  <  ج: ص:  >  >>