فارس من أصحابه بعض الملّاحين بسهم في ملاحاة وقعت بينهم عند العبور فقتله فثارت بهم العامة وأمسكوا القاتل، وجاءوا به إلى باب النوبة في دار الخلافة ولقيهم ولد أبي الغازي فاستنقذه من أيديهم فرجموه، وجاء إلى أبيه مستغيثا وركب إلى محلة الملّاحين فنهبها وعطف عليه العيّارون فقتلوا من أصحابه، وركبوا السفين للنجاة فهرب الملّاحون وتركوهم فغرقوا، وجمع أبو الغازي التركماني لنهب الجانب الغربي، فبعث إليه المستظهر قاضي القضاة والكيا الهرّاسي مدرّس النظامية بالامتناع من ذلك فاقتصر ابو الغازي أثناء ذلك متمسكا بطاعة السلطان محمد. فلمّا انهزم محمد وانطلق من حصار أصبهان واستولى بركيارق على الريّ بعث في منتصف ربيع الأوّل من سنة ست وتسعين من همذان كمستكين القيصراني شحنة إلى بغداد. فلما سمع أبو الغازي بعث إلى أخيه سقمان بحصن كيفا يستدعيه للدفاع. وجاءه سقمان ومرّ بتكريت فنهبها، ووصل كمستكين ولقيه شيعة بركيارق وأشاروا عليه بالمعاجلة، ووصل إلى بغداد منتصف ربيع. وخرج ابو الغازي وأخوه سقمان إلى دجيل ونهبا بعض قراها، واتبعهما طائفة من عسكر كمستكين. ثم رجعوا عنهما وخطب للسلطان بركيارق ببغداد وبعث كمستكين إلى سيف الدولة صدقة بالحلّة عنه وعن المستظهر بطاعة بركيارق فلم يجب، وكشف القناع وسار إلى جسر صرصر فقطعت الخطبة على منابر بغداد فلم يذكر أحد عليها من السلاطين. واقتصر على الخليفة فقط. وبعث سيف الدولة صدقة إلى أبي الغازي وسقمان بأنه جاء لنصرتهما فعادوا إلى دجيل وعاثوا في البلاد، واجتمع لذلك حشد العرب والأكراد مع سيف الدولة، وبعث إليه المستظهر في الإصلاح، وخيّموا جميعا بالرملة وقاتلهم العامّة وبعث الخليفة قاضي القضاة أبا الحسن الدامغانيّ وتاج رؤساء الرئاسة ابن الموصلايا إلى سيف الدولة بكفّ الأيدي عن الفساد، فاشترطوا خروج كمستكين القيصراني شحنة بركيارق وإعادة الخطبة للسلطان محمد، فتم الأمر على ذلك، وعاد سيف الدولة إلى الحلّة وعاد القيصراني إلى واسط، وخطب بها لبركيارق فسار إليه صدقة وأبو الغازي، وفارقها القيصراني فاتّبعه سيف الدولة. ثم استأمن ورجع إليه فأكرمه وخطب للسلطان محمد بواسط، وبعده لسيف الدولة وأبي الغازي واستناب كل واحد ولده، ورجع ابو الغازي إلى بغداد وسيف الدولة إلى الحلّة، وبعث ولده منصورا إلى المستظهر يخطب رضاه بما كان منه في هذه الحادثة فأجيب إلى ذلك.