إسماعيل بن ياقوتا بن داود، وداود هو حقربيك وأبو ألب أرسلان، وسار معه جكرمش وصاحب الموصل وغيرهما من الأمراء. وكان سيف الدولة صاحب الحلة قد جمع عسكرا خمسة عشر ألفا من الفرسان وعشرة آلاف رجل، وبعث ولديه بدران ودبيس إلى السلطان محمد يستحثّه على بغداد. ولمّا سمع الأمير أياز بقدومه، خرج هو وعسكره وخيّموا خارج بغداد واستشار أصحابه فصمّموا على الحرب، وأشار وزيره أبو المحاسن بطاعة السلطان محمد وخوّفه عاقبة خلافه وسفّه آراءهم في حربه، وأطمعه في زيادة الأقطاع، وتردّد أياز في أمره وجمع السفن عنده، وضبط المثار ووصل السلطان محمد آخر جمادى من سنة ثمان وتسعين، ونزل بالجانب الغربي وخطب له هنالك، ولملك شاه بالجانب الشرقي. واقتصر خطيب جامع المنصور على الدعاء للمستظهر ولسلطان العالم فقط. وجمع أياز أصحابه لليمين فأبوا من المعاودة وقالوا لا فائدة فيها والوفاء إنما يكون بواحدة فارتاب أياز بهم، وبعث وزيره المصفى أبا المحاسن إلى السلطان محمد في الصلح، وتسليم الأمر فلقي أوّلا وزيره سعد الملك أبا المحاسن سعد بن محمد وأخبر فأحضره عند السلطان محمد وأدى رسالة أياز والعذر عما كان منه أيام بركيارق فقبله السلطان وأعتبه، وأجابه إلى اليمين وحضر من الغد القاضي والنقيبان واستحلف الكيا الهرّاسي مدرس النظامية بمحضر القاضي وزير أياز بمحضرهم لملك شاه ولأياز وللأمراء الذين معه، فقال: أمّا ملك شاه فهو ابني وأمّا أياز والأمراء فأحلف لهم إلّا ينال بن أنوش، وسار واستحلفه الكيا الهرّاسي مدرّس النظامية بمحضر القاضي والنقيبين. ثم حضر أياز من الغد ووصل سيف الدولة صدقة وركب السلطان للقائهما وأحسن إليهما، وعمل أياز دعوة في داره وهي دار كوهرابين وحضر عنده السلطان وأتحفه بأشياء كثيرة منها حبل البلخش الّذي كان أخذه من تركة مؤيد الملك بن نظام الملك. وحضر مع السلطان سيف الدولة صدقة بن مزيد.
وكان أياز قد تقدّم إلى غلمانه يلبس السلاح ليعرضهم على السلطان، وحضر عندهم بعض الصفاعين فأخذوا معه في السخرية وألبسوه درعا تحت قميصه، وجعلوا يتناولونه بأيديهم فهرب منهم إلى خواص السلطان، ورآه السلطان متسلحا فأمر بعض غلمانه فالتمسوه وقد وجدوا السلاح فارتاب ونهض من دار أياز. ثم استدعاه بعد أيام ومعه جكرمش وسائر الأمراء فلما حضر وقف عليهم بعض قوّاده وقال لهم أن قليج أرسلان ابن سليمان بن قطلمش قصد ديار بكر ليملكها فأشيروا بمن نسيّر لقتاله، فأشاروا جميعا