للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأغلب عن حماه بعد ما ضايقه بالمكاد، واستقاد الأولياء واستمال بهلول بن عبد الواحد المظفري بمن معه من قومه عن طاعة إدريس إلى طاعة هارون الرشيد. ووفد عليه بالقيروان، واستراب إدريس بالبرابرة فصالح إبراهيم بن الأغلب وسكن من غربة. وعجز الأغالبة من بعد ذلك عن مدافعة هؤلاء الأدارسة، ودافعوا خلفاء بني العبّاس بالمعاذير بالغضّ من إدريس والقدح في نسبه إلى أبيه إدريس بما هو أوهن من خيوط العناكب. (وهلك إدريس) سنة ثلاث عشرة وقام بالأمر من بعده ابنه محمد بعهده إليه فأجمع أمره بوفاة جدّته كنزة أمّ إدريس على أن يشرك إخوته في سلطانه ويقاسم ممالك أبيه. فقسّم المغرب بينهم أعمالا اختصّ منها القاسم بطنجة وبسكرة وسبته وتيطاوين وقلعة حجر النسر وما الى ذلك من البلاد والقبائل واختصّ عمر بتيكيسان وترغة وما بينهما من قبائل صنهاجة وغمارة واختص داود ببلاد هوارة وتسول وتازي وما بينهما من القبائل: مكناسة وغياثة واختص عبد الله باغمات وبلد نفيس وجبال المصامدة وبلاد لمطة والسوس الأقصى، واختص يحيى [١] بأصيلا والعرائش وبلاد زوغة وما إلى ذلك. واختص عيسى بشالة وسلا وازمور وتامسنا وما الى ذلك من القبائل واختص حمزة بو ليلى واعمالها وأبقى الباقين في كفالتهم وكفالة جدّتهم كنزة لصغرهم وبقيت تلمسان لولد سليمان بن عبد الله وخرج عيسى بأزمور [٢] على أخيه محمد طالبا الأمر لنفسه، فبعث لحربه أخاه عمر بعد أن دعا القاسم لذلك فامتنع. ولما أوقع عمر بعيسى وغلب على ما في يده استنابه إلى أعماله بإذن أخيه محمد. ثم أمره أخوه محمد بالنهوض إلى حرب القاسم لقعوده عن إجابته، في محاربة عيسى فزحف إليه، وأوقع به، واستناب عليه إلى ما في يده فصار الريف البحري كلّه من عمل عمر هذا من تيكيشاش، وبلاد غمارة إلى سبته، ثم إلى طنجة، وهذا ساحل البحر الرومي، ثم ينعطف إلى أصيلا ثم سلا، ثم أزمور وبلاد تامستا، وهذا ساحل البحر الكبير. وتزهّد القاسم وبنى رباطا بساحل أصيلا للعبادة إلى أن هلك، واتسعت ولاية عمر بعمل عيسى والقاسم، وخلصت طويته لأخيه


[١] (هكذا بياض بالأصل والظاهر من النسخة المغربية المجلد السادس المختص ببلاد المغرب ان البياض ترك من قبل الناسخ وذلك دون مبرز)
[٢] ربما هي أزمورة: «ثلاث ضمات متواليات، وتشديد الميم، والواو ساكنة وراء مهملة: بلد بالمغرب في جبال البربر» (معجم البلدان)

<<  <  ج: ص:  >  >>