للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن إدريس، وبلغ الخبر بشأن يحيى إلى ابن عمّه عليّ بن عمر صاحب الريف، واستدعاه أهل الدولة من العرب والبربر والموالي فجاء إلى فاس ودخلها وبايعوه، واستولى على أعمال المغرب إلى أن ثار عليه عبد الرزاق الخارجي، خرج بجبال لمتونة وكان على رأي الصفريّة فزحف إلى فاس وغلب عليها، ففرّ إلى أروبة وملك عبد الرزاق عدوة الأندلس، وامتنعت منه عدوة القرويّين، وولّوا على أنفسهم يحيى بن القاسم بن إدريس، وكان يعرف بالصرام، بعثوا إليه فجاءهم في جموعه، وكانت بينه وبين الخارجي حروب. ويقال إنه أخرجه من عدوة الأندلس، واستعمل عليها ثعلبة بن محارب بن عبد الله، كان من أهل الربض بقرطبة من ولد المهلّب بن أبي صفرة. ثم استعمل ابنه عبد الله المعروف بعبود من بعده، ثم ابنه محارب بن عبود بن ثعلبة إلى أن اغتاله الربيع بن سليمان سنة اثنتين وتسعين ومائتين، وقام بالأمر مكانه يحيى بن إدريس بن عمر صاحب الريف، وهو ابن أخي عليّ بن عمر فملك جميع أعمال الأدارسة، وخطب له على سائر أعمال المغرب، وكان أعلى بني إدريس ملكا وأعظمهم سلطانا، وكان فقيها عارفا بالحديث ولم يبلغ أحد من الأدارسة مبلغه في السلطان والدولة، وفي أثناء ذلك كله خلط [١] الملك للشيعة بإفريقية، وتغلّبوا على الاسكندرية واختطوا المهديّة كما نذكره في دولة كتامة. ثم طمحوا إلى ملك المغرب وعقدوا لمضالة بن حبوس كبير مكناسة وصاحب تاهرت على محاربة ملوكه سنة خمس وثلاثمائة، فزحف إليه في عساكر مكناسة وكتامة، وبرز لمدافعته يحيى بن إدريس صاحب المغرب بجموعه من المغرب، وأولياء الدولة من أوربة وسائل البرابرة والموالي، والتقوا على مكناسة وكانت الدبرة على يحيى وقومه، ورجع إلى فاس مغلولا وأجاز له بها معاملة إلى أن صالحه على مال يؤدّيه إليه وطاعة معروفة لعبيد الله الشيعي سلطانه، يؤدّيها فقبل الشرط، وخرج عن الأمر، وخلع نفسه، وأنفذ بيعته إلى عبيد الله المهديّ وأبقى عليه مصالحه في سكنى فاس، وعقد له على عملها خاصة، وعقد لابن عمّه موسى بن أبي العافية أمير مكناسة يومئذ وصاحب سنور وتازير [٢] على سائر أعمال البربر كما نذكره في أخبار مكناسة ودولة موسى. وكان بين موسى بن أبي العافية وبين يحيى بن إدريس شحناء وعداوة، يضطغنها كل واحد


[١] هكذا بالأصل وليس لها معنى هنا ولعلها خلص وقد حرّفها الناسخ
[٢] وفي نسخة ثانية سنوره تازه

<<  <  ج: ص:  >  >>