للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنه محمد فاعتقل، ويقال دخل مع أمّه في السرداب بدار أبيه وفقد، فزعمت شيعتهم أنه الإمام بعد أبيه، ولقّبوه المهدي والحجّة. وزعموا أنه حي لم يمت وهم الآن ينتظرونه، ووقفوا عند هذا الانتظار، وهو الثاني عشر من ولد عليّ ولذلك سمّيت شيعته الاثني عشرية. وهذا المذهب في المدينة والكرخ والشام والحلّة والعراق، وهم حتى الآن على ما بلغنا يصلّون المغرب، فإذا قضوا الصلاة قدّموا مركبا إلى دار السرداب بجهازه وحليته ونادوا بأصوات متوسطة: أيها الإمام أخرج إلينا فإن الناس منتظرون، والخلق حائرون، والظلم عام، والحق مفقود! فأخرج إلينا فتقرب الرحمة من الله في آثارك! ويكرّرون ذلك إلى أن تبدو النجوم، ثم ينصرفون إلى الليلة القابلة هكذا دأبهم. وهؤلاء من الجهل بحيث ينتظرون من يقطع بموته مع طول الأمد، لكن التعصّب حملهم على ذلك وربما يحتجّون لذلك بقصة الخضر والأخرى أيضا باطلة، والصحيح أنّ الخضر قد مات. (وأمّا الإسماعيلية) فزعموا أنّ الإمام بعد جعفر الصادق ابنه إسماعيل، وتوفي قبل أبيه. وكان أبو جعفر المنصور طلبه فشهد له عامل المدينة بأنه مات. وفائدة النصّ عندهم على إسماعيل وإن كان مات قبل أبيه بقاء الإمامة في ولده كما نصّ موسى على هارون صلوات الله عليهما ومات قبله. والنصّ عندهم لا مرجع وراءه، لأنّ البداء على الله محال. ويقولون في ابنه محمد أنه السابع التامّ من الأئمة الظاهرين، وهو أوّل الأئمة المستورين عندهم الذين يستترون ويظهرون الدعاة، وعددهم ثلاثة ولن تخلوا الأرض منهم عن إمام، إمّا ظاهر بذاته أو مستور، فلا بدّ من ظهور حجّته ودعاته. والأئمة يدور عددها عندهم على سبعة عدد الأسبوع، والسموات والكواكب، والنقباء تدور عندهم على اثني عشر. وهم يغلّطون الأئمة حيث جعلوا عدد النقباء للأئمة. وأوّل الأئمة المستورين عندهم محمد بن إسماعيل وهو محمد المكتوم، ثم ابنه جعفر المصدّق، ثم ابنه محمد الحبيب ثم ابنه عبد الله المهدي صاحب الدولة بإفريقية والمغرب التي قام بها أبو عبد الله الشيعي بكتامة. وكان من هؤلاء الإسماعيلية القرامطة، واستقرّت لهم دولة بالبحرين في أبي سعيد الجنابيّ وبنيه أبي القاسم الحسين بن فروخ بن حوشب الكوفي داعي اليمن لمحمد الحبيب، ثم ابنه عبد الله ويسمّى بالمنصور، وكان من الاثني عشرية أولا، فلمّا بطل ما في أيديهم رجع إلى رأي الإسماعيلية وبعث محمد الحبيب أبو عبد الله إلى اليمن داعية له، فلمّا بلغه عن محمد بن يعفر ملك صنعاء أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>