للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومسعود بن عيسى بن ملال المساكتي، وموسى بن تكاد، فجلس إليهم وسمعوا منه مذاهبهم ورأوا ما هو عليه من العبادة والزهد فعلق بقلوبهم، وصار يتعهدهم في رحالهم فاغتبطوا به واغتبط بهم. ولما أرادوا الرحلة إلى بلادهم سألوه الصحبة فوافقهم طاويا وجه مذهبه عنهم، بعد أن سألهم عن قومهم وعصابتهم وبلادهم وملكة السلطان فيهم فكشفوا له علم ذلك، وأنهم إنما يعطون السلطان طاعة معروفة فاستيقن تمام أمره فيهم، وخرج معهم إلى المغرب وسلكوا طريق الصحراء، وعدلوا عن القيروان إلى أن وصلوا بلد سوماثة، وبها محمد بن حمدون بن سماك الأندلسيّ من بجاية الأندلس نزيلا عندهم، وكان قد أدرك الحلواني وأخذ عنه. فنزل أبو عبد الله الشيعيّ عليه فأكرمه، وفاوضه وتفرّس ابن حمدون فيه انه صاحب الدولة. ثم ارتحلوا وصحبهم ابن حمدون، ودخلوا بلد كتامة منتصف ربيع سنة ثمان وثمانين ومائتين فنزل على موسى بن حريث ببلده أنكجان في بلد بني سكتان من جبيلة، وعيّن له مكان منزله بفجّ الأخيار، وأنّ النص عنده من المهديّ بذلك وبهجرة المهدي وأن أنصار الأخيار من أهل زمانه وأنّ اسمهم مشتق من الكتمان. واجتمع إليه الكثير من أهل كتامة ولقي علماءهم واشتمل عليه الكثير من أهوائهم فجاهر مذهبه، وأعلن بإمامة أهل البيت، ودعا للرضا من آل محمد واتبعه أكثر كتامة، وكانوا يسمّونه بأبي عبد الله الشيعيّ والمشرقيّ. وبلغ خبره إلى أمير افريقية إبراهيم بن أحمد بن الأغلب، فبعث إليه بالتهديد والوعيد، فأساء الردّ عليه، وخاف رؤساء كتامة عادية ابن الأغلب، وأغراهم عمال بلادهم بالشيعي مثل موسى بن عياش صاحب مسيلة، وعليّ بن حفص بن عسلوجة صاحب سريف. وجاء ابن تميم صاحب يلزمة، فاجتمعوا وتفاوضوا في شأنه، وحضر يحيى المساكتي وكان يدعى بالأمير ومهديّ بن أبي كمارة رئيس لهيعة، وفرج بن حيران رئيس إجانة، وثمل بن بجل رئيس لطانة. وراسلوا بيان بن صفلان رئيس بني سكتان، وأبو عبد الله الشيعي عندهم بجبل ايكجان في أن يسلّمه إليهم أو يخرجه من بلدهم، وحذّروه عاقبة أمره فردّ أمره إلى أهل العلم، فجاءوا بالعلماء وهمّوا باغتياله فلم يتم لهم ذلك، وأطبقت بجيلة على مظاهرته فهزموا هؤلاء المثيرين عليه وردّوهم خائبين ثم رجعوا بيان بن صقلاب في أمره ولاطفوه حتى صفا إليهم، وشعر بذلك أبو عبد الله الشيعيّ وأصحابه، فبعثوا إلى الحسن ابن هارون الغسّاني يسألونه الهجرة إليهم، فأجابهم ولحق

<<  <  ج: ص:  >  >>