قبله، وطرد عمّال بني أمية من سائر المغرب. وانقلب الى القيروان ظافرا عزيزا، وضم تاهرت إلى زيري بن مناد. وقدم بالفاطميين وبأحمد بن بكر وبمحمد بن واسول أسيرين في قفصين، ودخل بهما إلى المنصورية في يوم مشهود. وكانت ولاية المغرب والمشرق منقسمة بين مولييه قيصر ومظفّر، وكانا متغلبين على دولته فقبض عليهما سنة تسع وأربعين وقتلهما. وفي سنة خمسين كان تغلّب النصارى على جزيرة اقريطش، وكان بها أهل الأندلس من جالية الحكم بن هشام بسبب ثورة الرفض، ففر بهم إلى الإسكندريّة فثاروا بها، وعبد الله بن طاهر يومئذ عامل مصر فحاصرهم بالإسكندرية حتى نزلوا على الأمان، وأن يجيزوا البحر إلى جزيرة أقريطش فعمّروها ونزلوها منذ تلك الأيام، وأميرها أبو حفص البلّوطي منهم، واستبدّ بها وورث بنوه رياسة فيها إلى أن نازلهم النصارى في هذه السنة في سبعمائة مركب، واقتحموها عليهم عنوة، وقتلوا منهم وأسروا، وبقيت في ايدي النصارى لهذا العهد والله غالب على أمره. وافتتح صاحب صقلّيّة سنة إحدى وخمسين قلعة طرمين، من حصون صقلّيّة بعد حصار طويل أجهدهم فنزلوا على حكم صاحب صقلّيّة بعد تسعة أشهر ونصف للحصار، وأسكن المسلمين بالقلعة وسمّاها المعزيّة نسبة إلى المعزّ صاحب إفريقية. ثم سار صاحب صقلّيّة بعدها وهو أحمد بن الحسن ابن علي بن أبي الحسن إلى حصار رمطة من قلاع صقلّيّة فاستمدوا ملكهم صاحب القسطنطينيّة، فجهّز لهم العساكر برا وبحرا، واستمد صاحب صقلّيّة المعزّ فامدّه بالعساكر مع ابنه الحسن، ووصل مدده إلى مدينة ميسنى، وساروا بجموعهم إلى رمطة، وكان على حصارها الحسن بن عمار فحمل عسكرا على رمطة وزحف إلى عسكر الروم مستميتا فقاتلهم فقتل أمير الروم وجماعة من البطارقة وهزموا أقبح هزيمة، واعترضهم خندق فسقطوا فيه، وأثخن المسلمون. فيهم وغنموا عسكرهم. واشتدّ الحصار على أهل رمطة وعدموا الأقوات فاقتحمها المسلمون عنوة، وركب فلّ الروم البحر يطلبون النجاة، فأتبعهم الأمير أحمد بن الحسن في أسطوله فأدركهم وسبح بعض المسلمين في الماء فخرّق مراكبهم وانهزموا، وبث أحمد سرايا المسلمين في مدائن الروم فغنموا منها وعاثوا فيها حتى صالحوهم على الجزية، وكانت هذه الواقعة سنة أربع وخمسين وتسمّى وقعة المجاز.