ولما توفي جلس صلاح الدين للعزاء، واستولى على قصر الخلافة وعلى جميع ما فيه، فحفظه بهاء الدين قراقوش الّذي كان قد رتبه قبل موت العاضد، فحمل الجميع الى صلاح الدين، وكان من كثرته يخرج عن الإحصاء، وفيه من الاعلاق النفيسة والأشياء الغريبة ما تخلو الدنيا عن مثله، ومن الجواهر التي لم توجد عند غيرهم، فمنه الحبل الياقوت وزنه سبعة عشر درهما أو سبعة عشر مثقالا، انا لا أشك، فانني رأيته ووزنته. واللؤلؤ الّذي لم يوجد مثله، ومنه النصاب الزمرّد الّذي طوله اربع أصابع في عرض عقد كبير. ووجد فيه طبل كان بالقرب من موضع العاضد وقد احتاطوا بالحفظ، فلما رأوه ظنوه عمل لأجل اللعب فيه، فسخروا من العاضد فأخذه إنسان فضرب به فضرط، فتضاحكوا منه ثم آخر كذلك، وكان كل من ضرب به ضرط، فألقاه أحدهم فكسره فإذا الطبل لأجل قولنج فندموا على كسره لما قيل لهم ذلك. وكان فيه من الكتب النفيسة المعدومة المثل ما لا يعد، فباع جميع ما فيه. ونقل أهل العاضد الى موضع من القصر، ووكل بهم من يحفظهم، وأخرج جميع من فيه من أمة وعبد، فباع البعض وأعتق البعض ووهب البعض، وخلا القصر من سكانه» .