بن جعفر، ويسمّى عند الشيعة حجّة الله بن عبيد الله بن الحسين الأصغر بن زين العابدين، وكان مسلم هذا صديقا لكافور المتغلّب على الإخشيديّة بمصر، وكان يدبّر أمره ولم يكن بمصر لعصره أوجه منه. ولما ملك العبيديّون مصر وجاء المعزّ لدين الله ونزل بالقاهرة التي اختطها وذلك سنة خمس وستين وثلاثمائة، خطب يومئذ من مسلم هذا كريمته لبعض بنيه فردّه مسلم، فسخطه المعزّ ونكبه، واستصفى أمواله وأقام في اعتقاله إلى أن هلك. ويقال فرّ من محبسه فهلك في مفرّه، ولحق ابنه ظاهر بن محمد بعد ذلك بالمدينة فقدّمه بنو حسين على أنفسهم، واستقل بإمارتها سنين. ثم مات سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وولي مكانه ابنه الحسن. وفي كتاب العتبي مؤرخ دولة ابن سبكتكين أنّ الّذي ولي بعده هو صهره وابن عمّه داود بن القاسم بن عبيد الله بن ظاهر، وكنيته أبو عليّ، واستقل بها دون ابنه الحسن إلى أن هلك، وولي بعده ابنه هاني ثم ابنه مهنّى. ولحق الحسن بمحمود بن سبكتكين فأقام عنده بخراسان، وهذا غلط لأن المسبحي مؤرخ العبيديّين ذكر وفاة ظاهر بن مسلم في سنتها كما قلناه، وولاية الحسن ابنه. وقال في سنة ثلاث وثمانين وعامل المدينة الحسن بن ظاهر ويلقّب مهنّى والمسبحي أقعد بأخبار المدينة ومصر من العتبي، إلا أن أمراء المدينة لهذا العهد ينتسبون إلى داود ويقولون: جاء من العراق فلعلهم لقّنوا ذلك عمن لا يعرفه.
ومؤرّخ حماة متى ينسب أحدا من أوّليهم إنما ينسبه إلى أبي داود والله أعلم. وقال أبو سعيد: وفي سنة تسعين وثلاثمائة ملكها أبو الفتوح حسن بن جعفر أمير مكة من بني سليمان بأمر الحاكم العبيدي وأزال عنها إمارة بني مهنّى من بني الحسين، وحاول نقل الجسد النبوي إلى مصر ليلا فأصابتهم ريح عاصفة أظلم لها الجوّ، وكادت تقتلع البناء من أصله فردّهم أبو الفتوح عن ذلك ورجع إلى مكة. وعاد بنو مهنّى إلى المدينة.
وذكر مؤرّخ حماة من أمرائهم منصور بن عمارة، ولم ينسبه، وقال مات سنة سبع وتسعين وأربعمائة وولي بعده ابنه. قال: وهم من ولد مهنّى، وذكر منهم أيضا القاسم بن مهنّى بن حسين بن مهنّى بن داود وكنيته أبو قليتة، وأنه حضر مع صلاح الدين بن أيوب غزاة أنطاكية وفتحها سنة أربع وثماني وخمسمائة. وقال الزنجاري مؤرخ الحجار فيما ذكر عنه ابن سعيد حين ذكر ملوك المدينة من ولد الحسين فقال:
وأحقهم بالذكر لجلالة قدره قاسم بن جماز بن قاسم بن مهنّى، ولاه المستضيء فأقام خمسا وعشرين سنة ومات سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وولي ابنه سالم بن قاسم