للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشرق على القسطنطينية ويتجاوز إلى الشام ودروب الأندلس [١] ويخوض ما بينها من بلاد الأعاجم أمم النصرانيّة مجاهدا فيهم مستلحما لهم إلى أن يلحق بدار الخلافة.

ونمي الخبر إلى الوليد فاشتدّ قلقه بمكان المسلمين من دار الحرب، ورأى أن ما همّ به موسى غرر بالمسلمين، فبعث إليه بالتوبيخ والانصراف، وأسرّ إلى سفيره أن يرجع بالمسلمين إن لم يرجع هو وكتب له بذلك عهده ففت ذلك في عزم موسى، وقفل عن الأندلس بعد أن أنزل الرابطة والحامية بثغورها. واستعمل ابنه عبد العزيز لغزوها وجهاد أعدائها، وأنزله بقرطبة فاتخذها دار إمارة، واحتلّ موسى بالقيروان سنة خمس وتسعين وارتحل إلى الشرق سنة ست بعدها بما كان معه من الغنائم والذخائر والأموال على العجل والظهر. يقال: كان من جملتها ثلاثون ألف فارس من السبي. وولّى على إفريقية ابنه عبد الله، وقدم على سليمان فسخطه ونكبه. وسارت عساكر الأندلس بابنه عبد العزيز بإغراء سليمان فقتلوه لسنتين من ولايته، وكان خيّرا فاضلا، وافتتح في ولايته مدائن كثيرة. وولي من بعده أيوب بن حبيب اللّخميّ وهو ابن أخت موسى بن نصير فتولى عليها ستة أشهر. ثم تتابعت ولاة العرب على الأندلس فتارة من قبل الخليفة وتارة من قبل عامله على القيروان وأثخنوا في أمم الكفر وافتتحوا برشلونة من جهة الشرق وحصون بشتالة [٢] وبسائطها من جهة الجوف، وانقرضت أمم القوط وأرز [٣] الجلالقة ومن بقي من أمم العجم إلى جبال قشتالة وأربونة وأفواه الدروب، فتحصّنوا بها وأجازت عساكر المسلمين ما وراء برشلونة من دروب الجزيرة حتى احتلّوا بسائط وراءها، وتوغّلوا في بلاد الفرنجة وعصف ريح الإسلام بأمم الكفر من كل جهة، وربما كان بين جنود الأندلس من العرب اختلاف وتنازع أوجب للعدوّ بعض الكرة فرجع الفرنج ما كانوا غلبوهم عليه. وكان محمد بن يزيد عامل إفريقية لسليمان بن عبد الملك لما بلغه مهلك عبد العزيز بن موسى بن نصير، بعث إلى الأندلس الحرب بن عبد الرحمن بن عثمان [٤] فقدم


[١] هكذا بالأصل. وفي نفح الطيب ج ١ ص ١٢٠: «وعزم على ان يستولي على القسطنطينية ثم يخترق آسية الصغرى حتى يصل الى دمشق» .
[٢] هي قشتالة.
[٣] أرز: أرزا وأروزا: تقبّض. والحيّة لجأت الى جحرها وتثبّتت فيه. ويقال فلان يأرز إلى وطنه اي حيث ما ذهب يرجع اليه. (المنجد) .
[٤] هكذا بياض بالأصل وفي الكامل ج ٥ ص ٢٣: «ثم إن سليمان ولّى الأندلس الحرّ بن عبد الرحمن الثقفي، فأقام واليا عليها الى ان استخلف عمر بن عبد العزيز فعزله» .

<<  <  ج: ص:  >  >>