وأعياه أمره وصار ينتقل في البلاد ويهزم العساكر وكان سكن بحصن شيطران من جبال بلنسية فسار إليه عبد الرحمن سنة ست وخمسين واستخلف على قرطبة ابنه سليمان فأتاه الخبر بعصيان أهل إشبيليّة وثورة عبد الغفّار، وحيوة بن قلاقس مع اليمانية فرجع عن شقنا، وهاله أمر إشبيليّة. وقدم عبد الملك بن عمر لقتالهم فساروا إليه ولقيهم مستميتا فهزمهم وأثخن فيهم. ولحق بعبد الرحمن فشكرها له وجزاه خيرا ووصله بالصهر وولّاه الوزارة، ونجا عبد الغفّار وحيوة بن قلاقس إلى إشبيليّة، فسار عبد الرحمن سنة سبع وخمسين إليها فقتلهم وقتل خلقا ممن كان معهم، واستراب من يومئذ بالعرب فرجع إلى اصطناع القبائل من سواهم واتخاذ الموالي. ولما كانت سنة إحدى وستين غدر بشقنا رجلان من أصحابه وجاء برأسه إلى عبد الرحمن. ثم سار عبد الرحمن بن حبيب الفهريّ المعروف بالقلعي من إفريقية إلى الأندلس مظهرا للدعوة العبّاسيّة، ونزل بتدمير، واجتمع إليه البربر. وكان سليمان بن يقظان عاملا على برشلونة فكتب إليه يدعوه إلى أمره فلم يجبه فسار إليه في البربر، ولقيه سليمان فهزمهم وعاد إلى تدمير وزحف إليه عبد الرحمن من قرطبة، فاعتصم بجبل بلنسية فبذل عبد الرحمن فيه الأموال فاغتاله رجل من أصحابه البربر، وحمل رأسه إلى عبد الرحمن وذلك سنة اثنتين وستين. ورجع عبد الرحمن إلى قرطبة. ثم خرج دحية الغسّاني في بعض حصون البيرة، فبعث إليه شهيد بن عيسر فقتله، وخالف البربر وعليهم بحرة بن البرانس، فبعث بدرا مولاه فقتله وفرّق جموعهم. وفرّ القائد السلمي من قرطبة الى طليطلة وعصى بها فبعث حبيب بن عبد الملك، وحاصره فهلك في الحصار. وزحف عبد الرحمن سنة اربع وستين إلى سرقسطة وبها سليمان بن يقظان والحسين بن عاصي، وقد حاصرهما ثعلبة بن عبيد من قوّاده فامتنعت عليه، وقبض سليمان على ثعلبة وبعث إلى ملك الفرنج فجاء وقد تنفّس عنه الحصار فدفع إليه ثعلبة. ثم غلب الحسين على سليمان وقتله، وانفرد فحاصره عبد الرحمن حتى صالحه وسار إلى بلاد الفرنج والبشكنس ومن وراءهم من الملوك، ورجع إلى وطنه وغدر الحسين بسرقسطة، فسار إليه عامله ابن علقمة فأسر أصحابه، ثم سار إليه عبد الرحمن سنة ست وستين وملكها عنوة وقتل الحسين وقتل أهل سرقسطة. ثم خرج سنة ثمان وستين أبو الأسود محمد بن يوسف بن عبد الرحمن فلقيه بقسطلونة وهزمه، وأثخن في أصحابه. ثم لقيه ثانية سنة تسع وستين فهزمه، ثم هلك سنة سبعين في