للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على مقدم الأسطول وقتله. ونمي الخبر إليه بذلك فانتقض، وتعصب له أصحابه، وسار إلى مدينة سرقوسة من بلاد صقلّيّة فملكها، وقاتله قسنطيل فهزمه القائد ودخل مدينة تطانية فأتبعه جيشا أخذوه وقتلوه، واستولى القائد على صقلّيّة فملكها وخوطب بالملك. وولى على ناحية من الجزيرة رجلا اسمه بلاطة، وكان ميخاييل ابن عم بلاطة على مدينة بليرم، فانتقض هو وابن عمه على القائد، واستولى بلاطة على مدينة سرقوسة، وركب القائد في أساطيله إلى إفريقية مستنجدا بزيادة الله، فبعث معهم العساكر واستعمل عليهم أسد بن الفرات قاضي القيروان فخرجوا في ربيع سنة اثنتي عشرة فنزلوا بمدينة مأزر، وساروا إلى بلاطة ولقيهم القائد وجميع الروم الذين بها استمدّهم فهزموا بلاطة والروم الذين معه، وغنموا أموالهم. وهرب بلاطة إلى فلونرة فقتل، واستولى المسلمون على عدة حصون من الجزيرة ووصلوا إلى قلعة الكرات، وقد اجتمع بها خلق كثير فخادعوا القاضي أسد بن الفرات في المراودة على الصلح وأداء الجزية، حتى استعدّوا للحصار، ثم امتنعوا عليه فحاصرهم وبعث السرايا في كل ناحية، وكثرت الغنائم وحاصروا سرقوسة برا وبحرا، وجاءه المدد من إفريقية وحاصروا بليرم. وزحف الروم إلى المسلمين وهم يحاصرون سرقوسة قد بعثوهم، واشتدّ حصار المسلمين بسرقوسة، ثم أصاب معسكرهم الفناء وهلك كثير منهم، ومات أسد بن الفرات أميرهم ودفن بمدينة قصريانة، ومعهم القائد الّذي جاء يستنجدهم فخادعه أهل قصريانة وقتلوه. وجاء المدد من القسطنطينية فتصافوا مع المسلمين، وهزموهم، ودخل فلهم إلى قصريانة. ثم توفي محمد بن الحواري أمير المسلمين، وولي بعده زهير بن عوف. ثم محص [١] الله المسلمين فهزمهم الروم مرات وحصروهم في معسكرهم حتى جهدهم الحصار، وخرج من كان في كبركيت من المسلمين بعد أن هدموها وساروا إلى مأزر. وتعذر عليهم الوصول إلى إخوانهم وأقاموا كذلك إلى سنة أربع عشرة إلى أن أشرفوا على الهلاك، فوصلت مراكب افريقية مددا وأسطول من الأندلس خرجوا للجهاد. واجتمع منهم ثلاثمائة مركب فنزلوا الجزيرة، وأفرج الروم عن حصار المسلمين وفتح المسلمون مدينة بليرم بالأمان سنة سبع عشرة ومائتين. ثم ساروا سنة تسع عشرة إلى مدينة قصريانة وهزموا الروم


[١] بمعنى امتحن.

<<  <  ج: ص:  >  >>