للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العسكر فعاودوا الخلاف، واختط خليل مدينة على مرسى المدينة، وسماها الخالصة. وتحقق بذلك أهل كبركيت ما قال لهم سالم، واستعدوا للحرب، فسار إليهم خليل منتصف ست وعشرين وحصرهم ثمانية أشهر يغاديهم بالقتال ويراوحهم، حتى إذا جاء الشتاء رجع إلى الخالصة، واجتمع أهل صقلّيّة على الخلاف، واستمدوا ملك القسطنطينية فأمدهم بالمقاتلة والطعام. واستمد خليل القائم فأمده بالجيش فافتتح قلعة أبي ثور وقلعة البلوط، وحاصر قلعة بلاطنو إلى أن انقضت سنة سبع وعشرين فارتحل عنها وحاصر كبركيت. ثم حبس عليها عسكرا للحصار مع أبي خلف بن هارون ورحل عنها، وطال حصارها إلى سنة تسع وعشرين فهرب كثير من أهل البلد إلى بلد الروم واستأمن الباقون فأمنهم على النزول عن القلعة.

ثم غدر بهم فارتاع لذلك سائر القلاع وأطاعوا ورجع خليل إلى إفريقية آخر سنة تسع وعشرين وحمل معه وجوه أهل كبركيت في سفينة، وأمر بخرقها في لجة البحر فغرقوا أجمعين. ثم ولى على صقلّيّة عطاف الأزدي، ثم كانت فتنة أبي يزيد، وشغل القائم والمنصور بأمره، فلما انقضت فتنة أبي يزيد عقد المنصور على صقلّيّة للحسن ابن أبي الحسن الكلبي من صنائعهم ووجوه قواده وكنيته أبو الغنائم، وكان له في الدولة محل كبير وفي مدافعة أبي يزيد غناء عظيم. وكان سبب ولايته أن أهل بليرم [١] كانوا قد استضعفوا عطافا واستضعفهم العدو لعجزه، فوثب به أهل المدينة يوم الفطر من سنة خمس وثلاثين، وتولى كبر ذلك بنو الطير منهم. ونجا عطاف إلى الحصن وبعث للمنصور يعلمه ويستمده، فولى الحسن بن علي على صقلّيّة وركب البحر إلى مأزر، وأرسى بها فلم يلقه أحد منهم. وأتاه في الليل جماعة من كتامة واعتذروا إليه عن الناس بالخوف من بني الطير. وبعث بنو الطير عيونهم عليه واستضعفوه وواعدوه أن يعودوا إليه فسبق ميعادهم ودخل المدينة، ولقيه حاكم البلد وأصحاب الدواوين واضطر بنو الطير إلى لقائه، وخرج إليهم [٢] كبيرهم إسماعيل ولحق به من انحرف عن بني الطير، فكثر جمعه. ودس إسماعيل بعض غلمانه، فاستغاث بالحسن من بعض عبيده أنه أكره امرأته على الفاحشة، يعتقد أن الحسن لا يعاقب مملوكه، فتخشن قلوب أهل البلد عليه. وفطن الحسن لذلك فدعا الرجل


[١] هي بلرم وقد مرت معنا في السابق.
[٢] مقتضى السياق: خرج إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>