للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرشيّة إنّما هو لدفع التّنازع بما كان لهم من العصبيّة والغلب وعلمنا أنّ الشّارع لا يخصّ الأحكام بجيل ولا عصر ولا أمّة علمنا أنّ ذلك إنّما هو من الكفاية فرددناه إليها وطردنا العلّة المشتملة على المقصود من القرشيّة وهي وجود العصبيّة فاشترطنا في القائم بأمور المسلمين أن يكون من قوم أولي عصبيّة قويّة غالبة على من معها لعصرها ليستتبعوا من سواهم وتجتمع الكلمة على حسن الحماية ولا يعلم ذلك في الأقطار والآفاق كما كان في القرشيّة إذ الدّعوة الإسلاميّة الّتي كانت لهم كانت عامّة وعصبيّة العرب كانت وافية بها فغلبوا سائر الأمم وإنّما يخصّ لهذا العهد كلّ قطر بمن تكون له فيه العصبيّة الغالبة وإذا نظرت سرّ الله في الخلافة لم تعد هذا لأنّه سبحانه إنّما جعل الخليفة نائبا عنه في القيام بأمور عباده ليحملهم على مصالحهم ويردّهم عن مضارّهم وهو مخاطب بذلك ولا يخاطب بالأمر إلّا من له قدرة عليه ألا ترى ما ذكره الإمام ابن الخطيب [١] في شأن النّساء وأنّهنّ في كثير من الأحكام الشّرعية جعلن تبعا للرّجال ولم يدخلن في الخطاب بالوضع. وإنّما دخلن عنده بالقياس وذلك لمّا لم يكن لهن من الأمر شيء وكان الرّجال قوّامين عليهنّ اللَّهمّ إلّا في العبادات الّتي كلّ أحد فيها قائم على نفسه فخطابهنّ فيها بالوضع لا بالقياس ثمّ إنّ الوجود شاهد بذلك فإنّه لا يقوم بأمر أمّة أو جيل إلّا من غلب عليهم وقلّ أن يكون الآمر الشّرعيّ مخالفا للأمر الوجوديّ والله تعالى أعلم.


[١] قوله الإمام ابن الخطيب هو الفخر الرازيّ قاله نصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>