الإخشيد، ثم التقيا فانهزم الإخشيد أولا، وملك أصحاب ابن رائق سواده ونزلوا في خيامهم، ثم خرج عليهم كمين الإخشيد فانهزموا، ونجا ابن رائق إلى دمشق في فلّ من أصحابه. فبعث إليه الإخشيد أخاه أبا نصر بن طغج في العسكر، فبرز إليهم ابن رائق وهزمهم، وقتل أبو نصر في المعركة، فبعث ابن رائق شلوه إلى مصر مع ابنه مزاحم بن محمد بن رائق وكتب إليه بالعزاء والاعتذار، وأن مزاحما في فدائه، فخلع عليه وردّه إلى أبيه. وتمّ الصلح بينهما على أن تكون الشام لابن رائق ومصر للإخشيد، والتخم بينهما للرملة. وحمل الإخشيد عنها مائة وأربعين ألفا كل سنة، وخرج الشام عن حكم الإخشيد وبقي في عمالة ابن رائق إلى أن قتل تحكم والبريدي.
وعاد ابن رائق من الشام إلى بغداد، فاستدعاه المتّقي وصار أمير الأمراء بها، فاستخلف على الشام أبا الحسن عليّ بن أحمد بن مقاتل. ولما وصل إلى بغداد قاتله كورتكين القائم بالدولة فظفر به، وحبسه، وقاتل عامّة أصحابه من الديلم. وزحف إليهم البريدي من واسط سنة ثلاثين وثلاثمائة فانهزم المتقي وابن رائق، وسار إلى الموصل وكان المتقي قد استنجد ناصر الدولة بن حمدان، فبعث إليه أخاه سيف الدولة ولقيه المتقي بتكريت، ورجع معه إلى الموصل، وقتل ناصر الدولة بن حمدان محمد بن رائق، وولي إمارة الأمراء للمتقي. فلما سمع الإخشيد بمقتل ابن رائق سار إلى دمشق، ثم استولى يوسف بعد ذلك عليها سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة وولّى ناصر الدولة بن حمدان في ربيع سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة على أعمال ابن رائق كلّها، وهي طريق الفرات وديار مضر وجند قنسرين والعواصم وحمص أبا بكر محمد بن عليّ بن مقاتل، وأنفذه إليها من الموصل في جماعة من القوّاد. ثم ولّى بعده في رجب ابن عمه أبا عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان على تلك الأعمال، وامتنع أهل الكوفة من طاعته فظفر بهم وملكها. وسار إلى حلب، وكان المتقي قد سار إلى الموصل سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة مغاضبا الأمراء توزون فأقام بالموصل عند بني حمدان. ثم سار إلى الرقّة فأقام بها، وكتب إلى الإخشيد يشكو إليه ويستقدمه، فأتاه من مصر، ومرّ بحلب فخرج عنها الحسين بن سعيد بن حمدان، وتخلّف عنه أبو بكر بن مقاتل للقاء الإخشيد فأكرمه، واستعمله على خراج مصر. وولّى على حلب يأنس المؤنسي. وسار الإخشيد من حلب إلى الرقّة في محرم سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وأهدى له ولوزيره الحسين بن مقلة وحاشيته، وأشار عليه بالمسير إلى مصر