علي فقبض عليه، وعلى متولي الديوان. وسار إلى نيسابور، واستخلف على الريّ والجبل، وبلغ الخبر إلى الأمير نوح، فنهض إلى مرو واضطرب الناس عليه، وشكوا من محمد بن أحمد الحاكم مدبّر ملكه، ورأوا أنه الّذي أوحش أبا عليّ وأفسد الدولة، فنقموا ذلك عليه، واعتلّوا عليه فدفع إليهم الحاكم فقتلوه منتصف خمس وثلاثين وثلاثمائة. ووصل أبو علي إلى نيسابور وبها إبراهيم بن سيجور ومنصور بن قراتكين وغيرهما من القوّاد فاستمالهم، وساروا معه، ودخلها في محرم سنة ست وثلاثين وثلاثمائة ثم ارتاب بمنصور بن قراتكين فحبسه، وسار من نيسابور ومعه العم إبراهيم إلى مرو، وهرب أخوه الفضل في طريقه من محبسه، ولحق بقهستان. ولما قاربوا مرو اضطرب عسكر الأمير نوح، وجاء إليهم أكثرهم. واستولى عليها وعلى طخارستان، وبعث نوح العساكر من بخارى مع الفضل أبي علي إلى الصغانيان فأقاموا بها، ودسّ إليهم أبو عليه فقبضوا على الفضل وبعثوا به الى بخارى وعاد أبو علي من طخارستان إلى الصغانيان فأقاموا بها في ربيع سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة وقاتل العساكر فغلبوه، ورجع إلى الصغانيان. ثم تجاوزها وأقام قريبا منها، ودخلتها العساكر فخرّبوا قصوره ومساكنه، وخرجوا في اتباعه، فرجع وأخذ عليهم المسالك، فضاقت أحوالهم، وجنحوا إلى الصلح معه على أن يبعث بابنه أبي المظفّر عبد الله إلى الأمير نوح رهينة، فانعقد ذلك منتصف سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة. وبعث بابنه إلى بخارى فأمر نوح بلقائه، وخلع عليه وخلطه بندمائه، وسكنت الفتنة. قال ابن الأثير: هذا الّذي ذكره مؤرخو خراسان في هذه القصة، وأمّا أهل العراق فقالوا: إنّ أبا علي لمّا سار نحو الريّ استمدّ ركن الدولة بن بويه أخاه عماد الدولة فكتب يشير عليه بالخروج عن الريّ وملكها أبو علي، وكتب عماد الدولة إلى نوح سرّا يبذل له في الريّ في كل سنة مائة ألف دينار وزيادة على ضمان أبي علي، ويعجّل له ضمان سنة وسجله عليه. ثم دسّ عماد الدولة إلى نوح في القبض على أبي علي وخوّفه منه، فأجاب الأمير نوح إلى ذلك، وبعث تقرير الضمان، وأخذ المال. ودسّ ركن الدولة إلى أبي علي بهمذان ورجع به على خراسان. وعاد ركن الدولة إلى الريّ واضطربت خراسان، ومنع عماد الدولة مال الضمان خوفا عليه في طريقه من أبي علي. وبعث إلى أبي علي يحرّضه على اللقاء ويعده بالمدد. وفسد ما بينه وبين إبراهيم، وانقبض عنه، وأنّ الأمير نوحا سار إلى بخارى عند مفارقتها أبي علي.