بلخا وأنزل بها جعفر تكين، وكان أرسلان الحاجب بهراة أنزله السلطان بها، وأمره إذا دهمه أن ينحاز إلى غزنة. وقصد سباسي هراة وسكنها، وندب الحسين بن نصر إلى نيسابور فملكها، ورتّب العمّال، واستخرج الأموال. وطار الخبر إلى السلطان بالهند، وقصد بلخ فهرب جعفر تكين إلى ترمذ، واستقرّ السلطان ببلخ، وسرّح أرسلان الحاجب في عشرة آلاف من العساكر إلى سباسي تكين بهراة فسار سباسي إلى مرو، واعترضه التركمان، وقاتلهم فهزمهم وأثخن فيهم. ثم سار إلى أبيود، ثم إلى نسا وأرسلان في اتباعه حتى انتهى إلى جرجان فصدّ عنها، وركب قلل الجبال والغياض، وتسلط الكراكلة على أثقاله ورجاله، واستأمن طوائف من أصحابه إلى قابوس لعدم الظهر. ثم عاد إلى نسا وأصدر ما معه إلى خوارزم شاه أبي الحسن علي ابن مأمون، وديعة لايلك خان، واقتحم المفازة إلى مرو، فسار السلطان لاعتراضه ورماه محمد بن سبع بمائة من القوّاد حملوا الى غزنة. ونجا سباسي تكين في فلّ من أصحابه، فعبر النهر إلى ايلك خان، وقد كان ايلك خان بعث أخاه جعفر تكين في ستة آلاف راجل إلى بلخ ليفتر من عزيمة السلطان عن قصد سباسي تكين فلم يفتر ذلك من عزمه، حتى أخرج سباسي من خراسان. ثم قصدهم فانهزموا أمامه، وتبعهم أخوه نصر بن سبكتكين صاحب جيش خراسان إلى ساحل جيحون، فقطع دابرهم. ولما بلغ الخبر إلى ايلك خان قام في ركائبه وبعث بالصريخ إلى ملك الختّل وهو قدرخان بن بقراخان لقرابة بينهما وصهر، فجاءه بنفسه ونفر معه، واستجاش أحياء النزل ودهاقين ما وراء النهر، وعبر النهر في خمسين ألفا، وانتهى إلى السلطان خبره وهو بطخارستان فقدم إلى بلخ، واستعدّ للحرب، واستنفر جموع الترك والجند والخلنجيّة والأفقانية والفربوية. وعسكر على أربعة فراسخ من بلخ، وتزاحفوا على التعبية، فجعل السلطان في القلب أخاه نصرا صاحب الجيش بخراسان، وأبا نصر ابن أحمد الفريغوني صاحب الجوزجان، وأبا عبد الله بن محمد بن إبراهيم الطائي في كماة الأكراد والعرب والهنود، وفي الميمنة حاجبه الكبير أبا سعيد التمرتاشي، وفي الميسرة أرسلان الحاجب. وحصّن الصفوف بخمسمائة من الفيلة. وجعل ايلك خان على ميمنته قدرخان ملك الختّل وعلى ميسرته أخاه جعفر تكين، وهو في القلب. وطالت الحرب، واستمات الفريقان ونزل السلطان وعفّر خدّه بالأرض متضرعا. ثم ركب وحمل في فيلته على القلب فأزاله عن مكانه، وانهزم الترك،