واقعة عليّ مع معاوية ومع الزّبير وعائشة وطلحة وواقعة الحسين مع يزيد وواقعة ابن الزّبير مع عبد الملك فأمّا واقعة عليّ فإنّ النّاس كانوا عند مقتل عثمان مفترقين في الأمصار فلم يشهدوا بيعة عليّ والّذين شهدوا فمنهم من بايع ومنهم من توقّف حتّى يجتمع النّاس ويتّفقوا على إمام كسعد وسعيد وابن عمر وأسامة بن زيد والمغيرة بن شعبة وعبد الله بن سلام وقدامة بن مظعون وأبي سعيد الخدريّ وكعب بن مالك والنّعمان بن بشير وحسّان بن ثابت ومسلمة بن مخلد وفضالة بن عبيد وأمثالهم من أكابر الصّحابة والّذين كانوا في الأمصار عدلوا عن بيعته أيضا إلى الطّلب بدم عثمان وتركوا الأمر فوضى حتّى يكون شورى بين المسلمين لمن يولّونه وظنّوا بعليّ هوادة في السّكوت عن نصر عثمان من قاتله لا في الممالأة عليه فحاش للَّه من ذلك.
ولقد كان معاوية إذا صرّح بملامته إنّما يوجّهها عليه في سكوته فقط ثمّ اختلفوا بعد ذلك فرأى عليّ أنّ بيعته قد انعقدت ولزمت من تأخّر عنها باجتماع من اجتمع عليها بالمدينة دار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وموطن الصّحابة وأرجأ الأمر في المطالبة بدم عثمان إلى اجتماع النّاس واتّفاق الكلمة فيتمكّن حينئذ من ذلك ورأى الآخرون أنّ بيعته لم تنعقد لافتراق الصّحابة أهل الحلّ والعقد بالآفاق ولم يحضر إلّا قليل ولا تكون البيعة إلّا باتّفاق أهل الحلّ والعقد ولا تلزم بعقد من تولّاها من غيرهم أو من القليل منهم وإنّ المسلمين حينئذ فوضى فيطالبون أوّلا بدم عثمان ثمّ يجتمعون على إمام وذهب إلى هذا معاوية وعمرو بن العاص وأمّ المؤمنين عائشة والزّبير وابنه عبد الله وطلحة وابنه محمّد وسعد وسعيد والنّعمان بن بشير ومعاوية بن خديج ومن كان على رأيهم من الصّحابة الّذين تخلّفوا عن بيعة عليّ بالمدينة كما ذكرنا إلّا أنّ أهل العصر الثاني من بعدهم اتّفقوا على انعقاد بيعة عليّ ولزومها للمسلمين أجمعين وتصويب رأيه فيما ذهب إليه وتعيين الخطإ من جهة معاوية ومن كان على رأيه وخصوصا طلحة والزّبير