بالإسلام وانقرضت دولة الأكاسرة واستفحلت دولة العرب وافتتحوا الأقاليم بالمشرق والمغرب والجنوب والشمال كما مرّ في الفتوحات، وكان من لم يدخل من الأمم في دينهم دان لهم بالجزية، وكان هؤلاء الديلم والجيل على دين المجوسيّة، ولم تفتح أرضهم أيام الفتوحات، وإنما كانوا يؤدّون الجزية. وكان سعيد بن العاص قد صالحهم على مائة ألف في السنة، وكانوا يعطونها وربما يمنعونها، ولم يأت جرجان بعد سعيد أحد، وكانوا يمنعون الطريق من العراق إلى خراسان على قومس. ولما ولي يزيد بن المهلّب خراسان سنة ست وثمانين للهجرة، ولم يفتح طبرستان ولا جرجان، وكان يزيد بن المهلّب يعيّره بذلك إذا قصّت عليه أخباره في فتوحات بلاد الترك ويقول: ليست هذه الفتوح بشيء، والشأن في جرجان التي قطعت الطريق وأفسدت قومس ونيسابور، فلمّا أولاه سليمان بن عبد الملك خراسان سنة تسع وتسعين، أجمع على غزوها ولم تكن جرجان يومئذ مدينة إنما هي جبال ومحاصر، يقوم الرجل على باب منها فيمنعه، وكانت طبرستان مدينة وصاحبها الأصبهبذ. ثم سار إلى جرجان مولاه فراسة، وسار الهادي إليهما وحاصرهما حتى استقاما على الطاعة. ثم بعث المهدي سنة ثمان وتسعين يحيى الحرسيّ في أربعين ألفا من العساكر فنزل طبرستان وأذعن الديلم. ثم لحق بهم أيام الرشيد يحيى ابن عبد الله بن حسن المثنّى فأجاروه، وسرّح الرشيد الفضل بن يحيى البرمكي لحربهم، فسار إليهم سنة خمس وتسعين ومائة فأجابوه إلى التمكين منه على مال شرطوه وعلى أن يجيء بخط الرشيد وشهادة أهل الدولة من كبار الشيعة وغيرهم، فبذل لهم المال، وكتب الكتاب. وجاء الفضل بيحيى فحبسه عند أخيه جعفر حسبما هو مذكور في أخباره. وفي سنة تسع وثمانين ومائة كتب الرشيد وهو بالريّ كتاب الأمان لسروين بن أبي قارن ورنداهرمز بارخشان صاحب الديلم، وبعث بالكتاب مع حسن الخادم إلى طبرستان فقدم بارخشان ورنداهرمز وأكرمهما الرشيد وأحسن إليهما، وضمن رنداهرمز الطاعة والخراج عن سروين بن أبي قارن. ثم مات سروين وقام مكانه ابنه شهريار، ثم زحف سنة إحدى وثمانين ومائة عبد الله بن أبي خرداذبه وهو عامل طبرستان إلى البلاد والسيزر من بلاد الديلم، فافتتحها وافتتح سائر بلاد طبرستان، وأنزل شهريار بن سروين عنها. وأشخص مازيار بن قارن ورنداهرمز إلى المأمون وأسر أبا ليلى. ثم مات شهريار بن سروين سنة عشر ومائتين وقام مكانه ابنه