الخروج معهم، وخرج للقائه في دجلة وأنزله بدار الخلافة وحدّثته نفسه بملك العراق، واستضعف بختيار ووضع عليه الجند يطالبونه بأرزاقهم، ولم يكن عنده في خزانته شيء. وأشار عليه بالزهد في إمارتهم يتنصّح له بذلك سرّا، والرسل تتردّد إلى بختيار والجند فلا يقبل عضد الدولة تقرّبهم. ثم تقبّض عليه آخرا ووكّل به، وجمع الجند ووعدهم بالإحسان والنظر في أمورهم فسكنوا، وبعث عضد الدولة عسكره إلى ابن بقيّة ومعه عسكر ابن شاهين فهزموا عسكر عضد الدولة، وكاتبوا ركن الدولة، فكتب إليه بالثبات على شأنهم. فلمّا علم أهل النواحي بأفعال عضد الدولة اضطربوا عليه وانقطعت عنه موادّ فارس، وطمع فيه الناس حتى عامّة بغداد، فحمل الوزير أبا الفتح بن العميد إلى أبيه ركن الدولة الرسالة بما وقع، وبضعف بختيار وأنه إن عاد إلى الأمر خرجت المملكة والخلافة عنه، وأنه يضمن أعمال العراق بثلاثين ألف ألف درهم في كل سنة، ويبعث إليه بختيار بالريّ وإلّا قتلت بختيار وأخويه وجميع شيعتهم وأترك البلاد، فخشي ابن العميد من هذه الرسالة، وأشار بأن يبعث بها غيره ويمضي هو إلى ركن الدولة فيحاول على مقاصد عضد الدولة، فمضى الرسول إلى ركن الدولة فحجبه أولا، ثم أحضره وذكر له الرسالة فهمّ بقتله، ثم ردّه وحمّله من الإساءة في الخطاب فوق ما أراد. وجاء ابن العميد فحجبه ركن الدولة وأنفذ إليه بالوعيد. وشفع إليه أصحابه واعتذر بأنه إنما جعل رسالة عضد الدولة طريقا الى الخلاص منه فأحضره، وضمن له ابن العميد إطلاق بختيار. ثم سار إلى عضد الدولة وعرفه بغضب أبيه فأطلق بختيار من محبسه وردّه إلى ملكه على أن يكون نائبا عنه ويخطب له، ويجعل أخاه أبا إسحاق أمير الجيش لضعفه عن الملك. وخلّف أبا الفتح بن العميد لقضاء شئونه فتشاغل هو مع بختيار فيما كان فيه من اللذّات عن ركن الدولة. وجاء ابن بقيّة فأكّد الوحشة بين بختيار وعضد الدولة وجبى الأموال واختزنها، وأساء التصرّف واحترز من بختيار