للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خروجهم مرّة بعد أخرى فلاذت رجالاتهم بالاختفاء ولم يكادوا يعرفون كما قيل:

فلو تسأل الأيّام ما اسمي ما درت ... وأين مكاني ما عرفن مكانيا

حتّى لقد سمّي محمّد بن إسماعيل الإمام جدّ عبيد الله المهديّ بالمكتوم سمّته بذلك شيعتهم لما اتّفقوا عليه من إخفائه حذرا من المتغلّبين عليهم فتوصّل شيعة بني العبّاس بذلك عند ظهورهم إلى الطّعن في نسبهم وازدلفوا بهذا الرّأي القائل [١] للمستضعفين من خلفائهم وأعجب به أولياؤهم وأمراء دولتهم المتولّون لحروبهم مع الأعداء يدفعون به عن أنفسهم وسلطانهم معرّة العجز عن المقاومة والمدافعة لمن غلبهم على الشّام ومصر والحجاز من البربر الكتّامين شيعة العبيديّين وأهل دعوتهم حتّى لقد أسجل القضاة ببغداد بنفيهم عن هذا النّسب وشهد بذلك عندهم من أعلام النّاس جماعة منهم الشّريف الرّضيّ وأخوه المرتضى وابن البطحاويّ ومن العلماء أبو حامد الأسفرايينيّ والقدّوريّ والصّيمريّ وابن الأكفانيّ والأبيورديّ وأبو عبد الله بن النّعمان فقيه الشّيعة وغيرهم من أعلام الأمّة ببغداد في يوم مشهود وذلك سنة ستّين وأربعمائة في أيّام القادر وكانت شهادتهم في ذلك على السّماع لما اشتهر وعرف بين النّاس ببغداد وغالبها شيعة بني العبّاس الطّاعنون في هذا النّسب فنقله الأخباريّون كما سمعوه ورووه حسبما وعوه والحقّ من ورائه.

وفي كتاب المعتضد في شأن عبيد الله إلى ابن الأغلب بالقيروان وابن مدرار بسجلماسة أصدق شاهد وأوضح دليل على صحّة نسبهم فالمعتضد أقعد [٢] بنسب أهل البيت من كلّ أحد والدّولة والسّلطان سوق للعالم تجلب إليه بضائع العلوم والصّنائع وتلتمس فيه ضوالّ الحكم وتحدى إليه ركائب الرّوايات والأخبار وما


[١] أي الضعيف أو الخاطئ.
[٢] اقعد، بمعنى أكفأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>