المسترشد ثم هربوا عنه الى السلطان مسعود فلما سار السلطان مسعود الى همذان بعد موت أخيه طغرل وملكها استوحش منه جماعة من أعيان أمرائه منهم برتقش وقزل وقراسنقر الخمارتكين والي همذان وعبد الرحمن بن طغرلبك ودبيس بن صدقة وساروا الى خوزستان ووافقهم صاحبها برسق بن برسق واستأمنوا الى الخليفة فارتاب من دبيس وبعث الى الآخرين بالأمان مع سديد الدولة بن الانباري وارتاب دبيس منهم أن يقبضوا عليه فرجع الى السلطان مسعود وسار الآخرون الى بغداد فاستحثوا المسترشد للمسير الى قتال مسعود فأجابهم وبالغ في تكرمتهم وبرز آخر رجب من سنة تسع وعشرين وهرب صاحب البصرة اليها وبعث اليه بالأمان فأبى فتكاسل عن المسير فاستحثوه وسهلوا له الأمر فسار في شعبان ولحق به برسق بن برسق وبلغ عدّة عسكره سبعة آلاف وتخلف بالعراق مع خادمه إقبال ثلاثة آلاف وكاتبه أصحاب الاطراف بالطاعة وأبطأ في مسيره فاستعجلهم مسعود وزحفوا اليه فكان عسكره خمسة عشر ألفا وتسلل عن المسترشد جماعة من عسكره وأرسل اليه داود ابن محمود من أذربيجان يشير بقصد الدينور والمقام بها حتى يصل في عسكره فأبى واستمرّ في مسيره وبعث زنكي من الموصل عسكرا فلم يصل حتى تواقعوا وسار السلطان محمود الى مجدّا فوافاهم عاشر رمضان ومالت ميسرة المسترشد اليه وانهزمت ميمنته وهو ثابت لم يتحرّك حتى أخذ أسيرا ومعه الوزير والقاضي وصاحب المحرّر وابن الانباري والخطباء والفقهاء والشهود فأنزل في خيمة ونهب مخيمه وحمل الجماعة أصحابه الى قلعة ترجمعان ورجع بقية الناس الى بغداد ورجع السلطان الى همذان وبعث الأمير بك ابه الى بغداد شحنة فوصلها سلخ رمضان ومعه عميد وقبضوا أملاك المسترشد وغلاتها وكانت بينهم وبين العامّة فتنة قتل فيها خلق من العامّة وسار السلطان في شوّال الى مراغة وقد تردّدت الرسل بينهما في الصلح على مال يؤدّيه المسترشد وأن لا يجمع العساكر ولا يخرج من داره لحرب ما عاش وأجابه السلطان وأذن له في الركوب وحمل الغاشية وفارق المسترشد بعض الموكلين به فهجم عليه جماعة من الباطنية فألحموه جراحا وقتلوه ومثلوا به جدعا وصلبا وتركوه سليبا في نفر من أصحابه قتلوهم معه وتبع الباطنية فقتلوا وكان ذلك منتصف ذي القعدة سنة ستة وعشرين لثمان عشرة سنة من خلافته وكان كاتبا بليغا شجاعا قرما ولما قتل بمراغة كتب السلطان مسعود الى بك ابه شحنة بغداد بأن يبايع لابنه فبويع ابنه الراشد أبو جعفر منصور بعهده اليه لثمانية أيام من مقتله وحضر بيعته جماعة من أولاد الخلفاء وأبو النجيب الواعظ وأمّا