للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى العربيّة ففعل ورغم لذلك كتّاب الفرس وكان عبد الحميد بن يحيى يقول للَّه درّ صالح ما أعظم منّته على الكتّاب ثمّ جعلت هذه الوظيفة في دولة بني العبّاس مضافة إلى من كان له النّظر فيه كما كان شأن بني برمك وبني سهل بن نوبخت وغيرهم من وزراء الدّولة. وأمّا ما يتعلّق بهذه الوظيفة من الأحكام الشّرعيّة ممّا يختصّ بالجيش أو بيت المال في الدّخل والخرج وتمييز النّواحي بالصلح والعنوة وفي تقليد هذه الوظيفة لمن يكون وشروط النّاظر فيها والكاتب وقوانين الحسبانات فأمر راجع إلى كتب الأحكام السّلطانيّة وهي مسطورة هنالك وليست من غرض كتابنا وإنّما نتكلّم فيها من حيث طبيعة الملك الّذي نحن بصدد الكلام فيه وهذه الوظيفة جزء عظيم من الملك بل هي ثالثة أركانه لأنّ الملك لا بدّ له من الجند والمال والمخاطبة لمن غاب عنه فاحتاج صاحب الملك إلى الأعوان في أمر السّيف وأمر القلم وأمر المال فينفرد صاحبها لذلك بجزء من رئاسة الملك وكذلك كان الأمر في دولة بني أميّة بالأندلس والطّوائف بعدهم وأمّا في دولة الموحّدين فكان صاحبها إنّما يكون من الموحّدين يستقلّ بالنّظر في استخراج الأموال وجمعها وضبطها وتعقّب نظر الولاة والعمّال فيها ثمّ تنفيذها على قدرها وفي مواقيتها وكان يعرف بصاحب الأشغال وكان ربّما يليها في الجهات غير الموحّدين ممّن يحسنها. ولمّا استبدّ بنو أبي حفص بإفريقيّة وكان شان الجالية من الأندلس فقدم عليهم أهل البيوتات وفيهم من كان يستعمل ذلك في الأندلس مثل بني سعيد أصحاب القلعة جوار غرناطة المعروفين ببني أبي الحسن فاستكفوا بهم في ذلك وجعلوا لهم النّظر في الأشغال كما كان لهم بالأندلس ودالوا فيها بينهم وبين الموحّدين ثمّ استقلّ بها أهل الحسبان والكتّاب وخرجت عن الموحّدين ثمّ لمّا استغلظ أمر الحاجب ونفذ أمره في كلّ شأن من شئون الدّولة تعطّل هذا الرّسم وصار صاحبه مرءوسا للحاجب وأصبح من جملة الجباة وذهبت تلك الرّئاسة الّتي كانت له في الدّولة. وأمّا دولة بني مرين لهذا العهد فحسبان

<<  <  ج: ص:  >  >>