إلى ابن عمه سيف الدين غازي صاحب الموصل يستنجده فجمع عساكره واستنجد أخاه عماد الدين زنكي صاحب سنجار فلم يجبه لما كان بينه وبين صلاح الدين وأنه ولاه سنجار ويطمعه في الملك فبعث سيف الدين غازي بالعساكر لمدافعة صلاح الدين عن الشام في رمضان سنة سبعين وخمسمائة مع أخيه عز الدين مسعود وأمير جيوش عز الدين القندار وجعل التدبير إليه وسار هو إلى سنجار فحاصر بها أخاه عماد الدين وامتنع عليه وبينما هو يحاصره جاءه الخبر بأنّ صلاح الدين هزم أخاه عز الدين وعساكره فصالح عماد الدين على سنجار وعاد إلى الموصل ثم جهز أخاه عز الدين في العساكر ثانية ومعه القندار وساروا إلى حلب فانضمت إليهم عساكره وساروا جميعا إلى صلاح الدين فأرسل إلى عماد الدين بالموصل في الصلح بينه وبين الملك الصالح على أن يرد عليه حمص وحماة ويسوغه الصالح دمشق فأبى إلا ارتجاع جميع بلاد الشام واقتصاره على مصر سار صلاح الدين إلى عساكرهم ولقيها قريبا من حماة فانهزمت وثبت عز الدين ليلا ثم صدق عليه صلاح الدين الحملة فانهزم وغنم سوادهم ومخلفهم وأتبع عساكر حلب حتى أخرجهم منها وحاصرها وقطع خطبة الملك الصالح وبعث بالخطبة للسلطان في جميع بلاده ولما طال عليهم الحصار صالحوه على إقراره على جميع ما ملك من الشام رحل عن حلب عاشر شوّال من السنة وعاد إلى حماة ثم سار منها إلى بغدوين وكانت لفخر الدين مسعود بن الزعفرانيّ من أمراء نور الدين وكان قد اتصل بالسلطان صلاح الدين واستخدم له ثم فارقه حيث لم يحصل على غرضه عنده فلحق ببغدوين وبها نائب الزعفرانيّ فحاصرها حتى استأمنوا إليه وأقطعها خاله شهاب الدين محمود بن تكش الحارمي وأقطع حمص ناصر الدين ابن عمه شيركوه وعاد إلى دمشق آخر سنة سبعين وكان سيف الدين غازي صاحب الموصل بعد هزيمة أخيه وعساكره عاد من حصار أخيه بسنجار كما قلناه إلى الموصل فجمع العساكر وفرّق الأموال واستنجد صاحب كيفا وصاحب ماردين وسار في ستة آلاف فارس وانتهى إلى نصيبين في ربيع سنة إحدى وسبعين فأقام إلى انسلاخ فصل الشتاء وسار إلى حلب فبرز إليه سعد الدين كمستكين الخادم مدبر الصالح في عساكر حلب وبعث صلاح الدين عن عساكره من مصر وقد كان أذن لهم في الانطلاق فجاءوا إليه وسار من دمشق إلى سيف الدين وكمستكين فلقيهم بتل الفحول وانهزموا راجعين إلى حلب وترك سيف الدين أخاه عز الدين بها في جمع من العساكر وعبر الفرات إلى الموصل يظنّ أنّ صلاح الدين في اتباعه وشاور الصالح وزيره جلال الدين ومجاهد الدين قايماز في مفارقة الموصل إلى قلعة الحميدية