للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العادل وابن أخيه تقيّ الدين ونصب عليها المجانيق والعرادات وكان الإفرنج يركبون في الشواني والحراقات ويأتون المسلمين من ورائهم فيرمون عليهم من البحر ويقاتلونهم ويمنعونهم من الدنوّ إلى السور فبعث صلاح الدين عن أسطول مصر من مرسى عكا فجاء ودافع الإفرنج وتمكن المسلمون من قتال الأسوار وحاصروها برّا وبحرا ثم كبس أسطول الإفرنج خمسة من أساطيل المسلمين ففتكوا بهم وردّ صلاح الدين الباقي إلى بيروت لقلتها فاتبعها أساطيل الإفرنج فلما أرهقوهم في الطلب ألقوا بأنفسهم إلى الساحل وتركوها فحكمها صلاح الدين ونقضها وجد في حصار صور فلم يفد وامتنعت عليه لما كان فيها من كثرة الإفرنج الذين أمنهم بعكا وعسقلان والقدس فنزلوا إليها بأموالهم وأمدوا صاحبها واستدعوا الإفرنج وراء البحر فوعدوهم بالنصر وأقاموا في انتظارهم ولما رأى صلاح الدين امتناعها شاور أصحابه في الرحيل فتردّدوا وتخاذلوا في القتال فرحل آخر شوّال إلى عكا وأذن للعساكر في المشي إلى أوطانهم إلى فصل الربيع وعادت عساكر الشرق والشام ومصر وأقام بقلعة عكا في خواصه وردّ أحكام البلد إلى خرديك من أمراء نور الدين وكان صلاح الدين عند ما اشتغل بحصار عسقلان بعث عسكرا لحصار صور فشدّدوا حصارها وقطعوا عنها الميرة وبعثوا إلى صلاح الدين وهو يحاصر صور فاستأمنوا له ونزلوا عنها فملكها وكان أيضا صلاح الدين لما سار إلى عسقلان جهز عسكرا لحصار قلعة كوكب يحرسون السابلة في طريقها من الإفرنج الذين فيها وهي مطلة على الأردن وهي للإستبارية وجهز عسكرا لحصار صفد وهي للفداوية مطلة على طبرية ولجأ إلى هذين الحصنين من سلم من وقعة حطين وامتنعوا بهما فلما جهز العساكر إليهما صلحت الطريق وارتفع منها الفساد فلما كان آخر ليلة من شوّال غفل الموكلون بالحصار على قلعة كوكب وكانت ليلة شاتية باردة فكبسهم الإفرنج ونهبوا ما عندهم من طعام وسلاح وعادوا إلى قلعتهم وبلغ ذلك صلاح الدين وهو يعتزم على الرحيل عن صور فشحذ من عزيمته ثم جهز عسكرا على صور مع الأمير قايماز النجمي وارتحل إلى عكا فلما انصرم فصل الشتاء سار من عكا في محرّم سنة أربع وثمانين إلى قلعة كوكب فحاصرها وامتنعت عليه ولم يكن بقي في البلاد الساحلية من عكا إلى الجنوب غيرها وغير صفد والكرك فلما امتنعت عليه جهز العسكر لحصارها مع قايماز النجمي ورحل عنها في ربيع الأوّل إلى دمشق ووافته رسل أرسلان [١] وفرح الناس بقدومه والله تعالى وليّ التوفيق.


[١] كذا بياض بالأصل، وفي الكامل ج ١٢ ص ٦: وأتاه رسل الملك قليج أرسلان ونزل ارسلان وغيرها يهنونه بالفتح والظفر، وسار من كوكب الى دمشق ففرح الناس بقدومه وكتب الى البلاد جميعا باجتماع العساكر بها.
وأقام بها الى أن سار الى الساحل بالبلاد الشامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>