ثم انفضت ميسرة المسلمين واتبعهم التتر وانفضت ميسرة التتر ورجعوا على ملكهم منكوتمر في القلب فانهزم ورجع التتر من اتباع ميسرة المسلمين فمرّوا بالسلطان وهو ثابت في مقامه لم يبرح ورجع أهل الميرة ونزل السلطان في خيامه ورحل من الغد في اتباع العدوّ وأوعز الى الحصون التي في ناحية الفرات باعتراضهم على المقابر فعدلوا عنها وخاضوا الفرات في المجاهل فغرقوا ومرّ بعضهم بردّ سلميّة فهلكوا وانتهى الخبر الى ابغا وهو على الرحبة فأجفل الى بغداد وصرف السلطان العساكر الى أماكنهم وسار سنقر الأشقر الى مكانه بصهيون وتخلف عنه كثير من الظاهرية عند السلطان وعاد السلطان الى دمشق ثم الى مصر آخر شعبان من السنة فبلغه الخبر بمهلك منكوتمر بن هلاكو بهمذان ومنكوتمر صاحب الشمال بصراي فكان ذلك تماما للفتح ثم هلك ابغا بن هلاكو سنة احدى وثمانين وكان سبب مهلكه فيما يقال انه اتهم شمس الدين الجريض وزيره باغتيال أخيه منكوتمر منصرفه من واقعة حمص فقبض عليه وامتحنه واستصفاه فدس له الجويني من سمه ومات وكان ابغا اتهم بأخيه أيضا أميرا من المغل كان شحنة بالجزيرة ففرّ منها وأقام مشركا وبعث السلطان قلاون بعثا الى ناحية الموصل للاغارة عليها وانتهوا الى سنجر فصادفوا هذا الأمير وجاءوا به الى السلطان فحبسه ثم أطلقه وأثبت اسمه في الديوان وكان يحدث بكثير من أخبار التتر وكتب بعضها عنه وبعث السلطان في هذه السنة بعوثا أخرى الى نواحي سيس من بلاد الروم جزاء بما كان من الأرمن في حلب ومساجدها فاكتسحوا تلك النواحي ولقيهم بعض أمراء التتر بمكان هنالك فهزموه ووصلوا الى جبال بلغار ورجعوا غانمين وبعث السلطان شمس الدين قراسنقر المنصوري الى حلب لإصلاح ما خرب التتر من قلعتها وجامعها فأعاد ذلك الى أحسن ما كان عليه ثم أسلم ملوك التتر فبعث أوّلا بكدار بن هلاكو صاحب العراق بإسلامه وأنّه تسمى أحمد وجاءت رسله بذلك الى السلطان وهم شمس الدين أتابك ومسعود بن كيكاوس صاحب بلاد الروم وقطب الدين محمود الشيرازي قاضي شيواس وشمس الدين محمد بن الصاحب من حاشية صاحب ماردين وكان كتابه مؤرخا بجمادى سنة احدى وثمانين وحملوا على الكرامة وأجيب سلطانهم بما يناسبه ثم وصل رسول قودان بن طقان المتولي بكرسي الشمال بعد أخيه منكوتمر سنة اثنتين وثمانين بخبر ولايته ودخوله في دين الإسلام وبطلب تقليد الخليفة واللقب منه والراية للجهاد فيمن يليه من الكفار فأسعف بذلك والله سبحانه وتعالى أعلم