والبغال والإبل وكثير من ماعون المغرب وسائر طرفه جملة من الذهب العين في ركب عظيم من المغاربة ذاهبين لقضاء فرضهم فقابلهم السلطان بأبلغ وجوه التكرمة وبعث معهم أميرا لإكرامهم وقراهم في طريقهم حتى قضوا فرضهم وعاد الرسول آيدغدي المذكور من حجه سنة خمس فبعث السلطان معه مكافأة هديتهم بما يليق بها من النفاسة وعين لذلك أميرين من بابه آيدغدي البابلي وآيدغدي الخوارزمي كل منهما لقبه علاء الدين فانتهوا إلى يوسف بن يعقوب بمكانه من حصار تلمسان كما هو في ربيع الآخر سنة ست قابلهم بما يجب لهم ولمرسلهم وأوسع لهم في الكرامة والحباء وبعثهم إلى ممالكه بفاس ومراكش ليتطوّفا بها ويعاينا مسرّتها وهلك يوسف بن يعقوب بمكانه من حصار تلمسان وانطلق الرسولان المذكوران من فاس راجعين من رسالتهما في رجب سنة سبع في ركب عظيم من أهل المغرب اجتمعوا عليهم لقصد الحج ولقوا السلطان أبا ثابت البزولي [١] من بعد يوسف بن يعقوب في طريقهم فبالغ في التكرمة والإحسان إليهم وبعث إلى مرسلهم الملك الناصر بهدية أخرى من الخيل والبغال والإبل ثم مرّوا بتلمسان وبها أبو زيان وأبو حمو ابنا عثمان بن يغمراس فلم يصرفا إليهما وجها من القبول وطلبا منهما خفير يخفرهما إلى تخوم بلادهما لما كانت نواحي تلمسان قد اضطربت بعد مهلك يوسف بن يعقوب وما كان من شأنه فبعث معهما بعض العرب فلم يغن عنهم واعترضهم في طريقهم أشرار حصن من زغبة بنواحي المرية فبالغوا في الدفاع فلم يغن عنهم واستولى الأشرار على الركب بما فيه ونهبوا جميع الحجاج ورسل الملك الناصر معهم وخلصوا برءوسهم إلى الشيخ بكر بن زغلي شيخ بني يزيد بن زغبة بوطن حمزة بنواحي بجاية فأوصلهم إلى السلطان بجباية أبي البقاء خالد من ولد الأمير أبي زكريا يحيى ابن عبد الواحد بن أبي حفص ملوك إفريقية فكساهم وحملهم إلى حضرة تونس وبها السلطان أبو عصيدة محمد بن يحيى الواثق من بني عمه فبالغ في تكرمتهم وسافر معهم إبراهيم ابن عيسى من بني وسنار أحد أمراء بني مرين كان أميرا على الغزاة بالأندلس وخرج لقضاء فرضه فمرّ بتونس واستنهضه سلطانها على الإفرنج بجزيرة جربة فسار اليها بقومه ومعه عبد الحق بن عمر بن رحو من أعيان بني مرين وكان الشيخ أبو يحيى زكريا بن أحمد اللحياني يحاصرها في عسكر تونس فأقام معهم مدّة ثم استوحش أبو يحيى اللحياني من سلطانه بتونس فلحق بطرابلس وساروا جميعا إلى مصر وتقدّم السلطان بإكرامهم حتى قضوا فرضهم وعادوا إلى المغرب واستمدّ أبو يحيى اللحياني السلطان الناصر فأمدّه بالأموال والمماليك وكان سببا لاستيلائه على الملك بتونس كما نذكره في أخباره أن شاء الله تعالى.