للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اكسيرا للنقود مغناطيسا للقنية يسابق أقلام الكتاب ويستوفي تفاصيل الحساب بمدارك الهامة وتصوّر صحيح وحدس ثاقب لا يرجع الى حذاقة الكتاب ولا الى أيسر الأعمال بل يتناول الصعاب فيذللها ويحوم على الأغراض البعيدة فيقربها وربما يحاضر بذكائه في العلوم فينفذ في مسائلها ويفحم جهابذتها موهبة من الله اختصه بها ونعمة أسبغ عليه لبوسها فقام بما دفع اليه السلطان من ذلك وأدرّ خروج الجباية فضاقت افنية الحواصل والخزائن بما تحصل وتسرّب اليها وكفى السلطان مهمة في دولته ومماليكه ورجاله بما يسوّغ لهم من نعمه ويوسع من أرزاقه وعطائه حتى أزاح عللهم بتوالي إنفاقه وقرّت عين السلطان باصطناعه وغص به الدواوين والحاشية ففوّقوا اليه سهام السعاية وسلطوا عليه السنة المتظلمين فخلص من ذلك خلوص الإبريز ولم تعلق به ظنة ولا حامت عليه ريبة ثم طرق الدولة ما طرقها من النكبة والاعتقال وأودعته المحنة غيابات السجون وحفت به أنواع المكاره واصطلمت نعمته واستصفيت أمواله في المصادرة والامتحان حتى زعموا أن الناصري المتغلب يومئذ استأثر منه بخمسة قناطير من دنانير الذهب ومنطاش بعده بخمسة وخمسين ثم خلص ابريزه من ذلك السبك وأهل قمره بعد المحاق واستقل السلطان من نكبته وطلع بأفق مصره وتمهد أريكة ملكه ودفعه لما كان بسبيله فأحسن الكرّة في الكفاية لمهمه وتوسيع عطاياه وأرزاقه وتمكين أحوال دولته وتسرّيت الجباية من غير حساب ولا تقرير الى خزائنه وأحسن النظر في الصرف والخرج بحزمه وكفايته حتى عادت الأمور الى أحسن معهودها بيمن تعبيته وسديد رأيه وصلابة عوده وقوّه صرامته مع بذل معروفه وجاهه لمن تحت يده وبشاشته وكفايته لغاشيته وحسن الكرامة لمنتابه ومقابلة من يأتي اليه بكرم مقاصده فأصبح طرازا للدولة وتاجا للخواص وقذفه المنافسون بخطإ العسايات فزلت في جهات حلم السلطان وجميل اغتباطه وتثبته حتى أعيتهم المذاهب وانسدّت عليهم الطرق ورسخت قدمه في الدولة واحتل من السلطان بكرم العهد والذمة ووثق بغنائه واضطلاعه فرمى اليه مقاليد الأمور وأوطأ عقبه أعيان الخاصة والجمهور وأفرده في الدولة بالنظر في الأمور حسبانا وتقديرا وجمعا وتقريرا وكنزا موفرا وصرفا لا يعرف تبذيرا وبطرا وفي الإنهاء بالعزل والإهانة مشهورا مع ما يمتاز به من الأمر والشأن وسموّ مرتبته على مرّ الأزمان وهو على ذلك لهذا العهد عند سفر السلطان الى الشام لمدافعة سلطان المغل كما مرّ ذكره والله متولي الأمور لا رب غيره

.

<<  <  ج: ص:  >  >>