بلاد الجبل وسار إلى العراق وبعث إلى الخليفة في الخطبة كما كانت لملوك بني سلجوق فامتنع الخليفة من ذلك كما مرّ ذلك كله في أخبار دولتهم ثم عاد من العراق سنة ست عشرة وستمائة واستقرّ بنيسابور فوفدت عليه رسل جنكزخان بهدية من نقرة المعدنين ونوافج المسك وحجر اليشم والثياب الخطائية المنسوجة من وبر الإبل البيض ويخبر أنه ملك الصين وما بينها من بلاد الترك ويطلب الموادعة والإذن للتجار بالتردّد لمتاجرهم من الجانبين وكان في خطابه إطراء السلطان خوارزم شاه بأنه مثل أعز أولاده فاستنكف السلطان من ذلك وامتعض له وأجمع عداوته واستدعى محمودا الخوارزمي من رسل جنكزخان واصطنعه ليكون عينا له على صاحبه واستخبره عما قاله في كتابه من أنه ملك الصين واستولى على مدينة طوغاج فصدّق له ذلك وسأله عن مقدار العساكر فقللها وغشه في ذلك ثم نكر عليه الخطاب بالولد ثم صرف الرسل بما طلبوه من الموادعة والإذن للتجار ووصل على أثر ذلك بعض التجار من بلادهم إلى أطرار وبها أنيال خان ابن خال السلطان خوارزم شاه فعثر على أموالهم ورفع إلى السلطان أنهم عيون على البلاد وليسوا بتجار فأمره بالاحتياط عليهم ففعل وأخذ أموالهم وقتلهم خفية وفشا الخبر إلى جنكزخان فبعث بالنكير على السلطان في ذلك وقال له إن كان فعله أنيال خان فابعثه إليّ وتهدّده على ذلك في كتابه فانزعج السلطان لها وقتل الرسل وبلغ الخبر إلى جنكزخان فسار في العساكر إلى بلاده وجبى السلطان من سمرقند خراج سنتين حصن به أسوار سمرقند وجبى ثالثة استخدم بها الفرسان لحمايتها ثم سار للقاء جنكزخان فكانت بينهما واقعة عظيمة هلك فيها كثير من الفريقين فكبسهم وهو غائب عنهم ورجع خوارزم شاه إلى جيحون وأقام عليه وفرّق عساكره في أعمال ما وراء النهر بخارى وسمرقند وترمذ وأنزل آبنايخ من أكبر أمرائه وأصحاب دولته في بخارى وجهلهم لنظره ثم جاء جنكزخان إليه فعبر النهر مجفلا وقصد جنكزخان أطرار فحاصرها وملكها غلابا وأسر أميرها أنيال خان الّذي قتل التجار فأذاب الفضة في أذنيه وعينيه ثم حاصر بخارى وملكها على الأمان وقاتلوا معه القلعة حتى خربها ثم غدر بهم فقتلهم وسباهم وفعل مثل ذلك في سمرقند سنة تسع عشرة ثم كتب كتابا إلى أمراء خوارزم شاه قرابة أمه كأنها أجوبة عن كتبهم إليه باستدعائه والبراءة من خوارزم شاه وذمّه بعقوق أمّه فبسط آمالهم في كتبه ووعد تركمان خاتون أمّ السلطان وكانت في خوارزم فوعدها بزيارة خراسان وأن تبعث من يستخلفه على ذلك وبعث بالكتب من يعترض بها للسلطان فلما قرأها ارتاب بأمّه وبقرابتها فاستوحشوا ووقع التقاطع والنفرة ولما استولى جنكزخان على ما وراء النهر ونجا نائب بخارى في الفل