بنحو مقدّم التتر ببلاد الروم فيمن كان معه من العساكر فامتنع أوّلا ثم أجاب وسار إليه ولما أطل هلاكو على بغداد في عساكره برز للقائه أيبك الدوادار في عساكر المسلمين فهزموا عساكر التتر ثم تراجع التتر فهزموهم واعترضهم دون بغداد بثوق انبثقت في ليلتهم تلك من دجلة فحالت دونها فقتلوا أجمعين وهلك أيبك الدوادار وأسر الأمراء الذين معه ورجعوا إلى البلد فحاصروها مدّة ثم استأمن من ابن العلقميّ للمستعصم ولنفسه آملا بأنّ هلاكو يستبقيه فخرج إليه في موكب من الأعيان وذلك في محرّم سنة ست وخمسين وتقبض على المستعصم فشدخ بالمعاول في عدل تجافيا عن سفك دمه بزعمهم ويقال أنّ الّذي أحصى فيها من القتلى ألف ألف وثلاثمائة ألف واستولوا من قصور الخلافة وذخائرها على ما لا يحصره العدد والضبط وألقيت كتب العلم التي كانت في خزائنهم بدجلة معاملة بزعمهم لما فعله المسلمون بكتب الفرس عند فتح المدائن واعتزم هلاكو على إضرام بيوتها نارا فلم يوافقه أهل مملكته واستبقى ابن العلقميّ على الوزارة والرتبة ساقطة عندهم فلم يكن قصارى أمره إلا الكلام في الدخل والخرج متصرفا من تحت آخر أقرب إلى هلاكو منه فبقي على ذلك مدّة ثم اضطرب وقتله هلاكو ثم بعث هلاكو بعد فتح بغداد بالعساكر إلى ميافارقين وبها الكامل محمد بن غازي بن العادل فحاصروها سنين حتى جهد الحصار أهلها ثم اقتحموها عنوة واستلحموا حاميتها ثم بعث إليه بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل ابنه ركن الدين إسماعيل بالطاعة والهدية فتقبله وبعثه إلى القان الأعظم منكوفان بقراقوم وأبطأ على لؤلؤ خبره فبعث بالولدين الآخرين شمس الدين إسحاق وعلاء الدين بهدية أخرى ورجعوا إليه بخبر ابنه وقرب إيابه فتوجه لؤلؤ بنفسه إلى هلاكو ولقيه بأذربيجان وحضر حصار ميافارقين وجاءه ابنه ركن الدين من عند منكوفان بولاية الموصل وأعمالها ثم هلك سنة سبع وخمسين وولي ابنه ركن الدين إسماعيل ويلقب الصالح وبعث هلاكو عسكرا إلى أربل فحاصرها ستة أشهر وامتنعت فأفرجت عنها العساكر فاغتنم ابن الصلايا الفرصة ونزل عنها لشرف الدين الكردي ولحق بهلاكو فقتله وكان صاحب الشام يومئذ الناصر بن العزيز محمد بن الظاهر غازي بن صلاح الدين فلما بلغه استيلاء هلاكو على بغداد بعث إليه ابنه بالهدايا والمصانعة والعذر عن الوصول بنفسه لمكان الإفرنج من سواحل الشام فقبل هديته وعذره ورجع ابنه بالمواعيد ولم يتم لهلاكو الاستيلاء على الجزيرة وديار بكر وديار ربيعة وانتهى ملكه إلى الفرات وتاخم الشام وعبر الفرات سنة ثمان وخمسين فملك البيرة ووجد بها السعيد أخا الناصر بن العزيز معتقلا فأطلقه ورده إلى عمله بالضبينة وبانياس ثم سار إلى حلب فحاصرها