فاستوت الحامية والرعية لولا الثقافة، وتشابه الجند والحضر إلّا في الشارة. وأنف السلطان من المساهمة في المجد والمشاركة في النسب، فجدعوا أنوف المتطاولين إليه من أعياصهم وعشائرهم ووجوه قبائلهم، وغضّوا من عنان طموحهم، واتخذوا البطانة مقرّهم من موالي الأعجام وصنائع الدولة، حتى كثروا بهم قبيلتهم من العرب الذين أقاموا الدولة، ونصروا الملّة ودعموا الخلافة، وأذاقوهم وبال الخلابة من القهر، وساموهم خطّة الخسف والذلّ، فأنسوهم ذكر المجد وحلاوة العزّ، وسلبوهم نصرة العصبيّة حتى صاروا أجراء على الحامية، وخولا لمن استعبدهم من الخاصّة وأوزاعا متفرّقين بين الأمّة، وصيّروا لغيرهم الحلّ والعقد والإبرام، والنقض من الموالي والصنائع، فداخلتهم أريحية العزّ وحدّثوا أنفسهم بالملك، فجحدوا الخلفاء وقعدوا بدست الأمر والنهي. واندرج العرب أهل الحماية في القهر واختلطوا بالهمج، ولم يراجعوا أحوال البداوة لبعدها، ولا تذكّروا عهد الأنساب لدروسها. فدثروا وتلاشوا شأن من قبلهم وبعدهم، سُنَّةَ الله الَّتِي قَدْ خَلَتْ من قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلًا. ٤٨: ٢٣ (وكان المولدون) لتمهيد قواعد الأمر، وبناء أساسه من أوّل الإسلام والدين والخلافة من بعده، والملك، قبائل من العرب موفورة العدد عزيزة الأحياء. فنصروا الإيمان والملّة، ووطّدوا أكناف الخلافة، وفتحوا الأمصار والأقاليم، وغلبوا عليها الأمم والدول. أمّا من مضر: فقريش وكنانة وخزاعة وبنو أسد وهذيل وتميم وغطفان وسليم وهو زان، وبطونها من ثقيف وسعد بن بكر وعامر بن صعصعة ومن إليهم من الشعوب والبطون والأفخاذ والعشائر والخلفاء والموالي. وأما من ربيعة: فبنو ثعلب بن وائل وبنو بكر بن وائل وكافة شعوبهم من بني شكر وبني حنيفة وبني عجل وبني ذهل وبني شيبان وتيم الله. ثم بنو النمر من قاسط، ثم عبد القيس ومن إليهم. وأمّا من اليمنية ثم من كهلان بن سبإ منهم: فأنصار الله الخزرج والأوس ابنا قيلة من شعوب غسّان وسائر قبال الأزد، ثم همذان وخثعم وبجيلة، ثم مذحج وكافة بطونها من عبس ومراد وزبيد والنّخع والأشعريّين وبني الحرث بن كعب، ثم لحي وبطونها ولخم وبطونها، ثم كندة وملوكها.