للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشام والحجاز والعراق وكرمان، كما كان سلفهم من ربيعة ومضر وكهلان في الجاهلية، وعتوا وكثروا وانقرض الملك العربيّ الإسلامي. وطرق الدول الهرم الّذي هو شأنها واعتزّ بعض أهل هذا الجيل غربا وشرقا فاستعملتهم الدول وولّوهم الإمارة على أحيائهم وأقطعوهم في الضاحية والأمصار والتلول وأصبحوا جيلا في العالم ناشئا، كثروا سائر أهله من العجم. ولهم في تلك الإمارة دول، فاستحقّوا أن تذكر أخبارهم، وتلحق بالأحياء من العرب سلفهم. ثم إن اللسان المضري الّذي وقع به الإعجاز ونزل به القرآن فثوى فيهم وتبدّل إعرابه فمالوا إلى العجمة. وإن كانت الأوضاع في أصلها صحيحة، واستحقوا أن يوصفوا بالعجمة من أجل الإعراب، فلذلك قلنا فيهم العرب المستعجمة.

(فلنذكر الآن) بقية هؤلاء الشعوب من هذه الطبقة في المغرب والمشرق ونخصّ منهم الأحياء الناجعة والأقدار النابهة، ونلغي المندرجين في غيرهم. ثم نرجع إلى ذكر المنتقلين من هذه الطبقة إلى إفريقية والمغرب فنستوعب أخبارهم لأن العرب لم يكن المغرب لهم في الأيام السابقة بوطن، وإنما انتقل إليه في أواسط المائة الخامسة أفاريق من بني هلال وسليم اختلطوا في الدول هنالك، فكانت أخبارهم من أخبارها، فلذلك استوعبناها. وأمّا آخر مواطن العرب فكانت برقة، وكان فيها بنو قرّة بن هلال بن عامر. وكان لهم في دول العبيديّين أخبار، وحكايتهم في الثورة أيام الحاكم والبيعة لأبي ركوة من بني أميّة في الأندلس معروفة، وقد أشرنا إليها في دولة العبيديّين.

ولما أجاز بنو هلال وسليم إلى المغرب خالطوهم في تلك المواطن، ثم ارتحلوا معهم إلى المغرب كما نذكره في دخول العرب إلى إفريقية والمغرب. وبقي في مواطنهم ببرقة لهذا العهد أحياء بني جعفر، وكان شيخهم أوسط هذه المائة الثامنة أبو ذئب وأخوه حامد ابن حميد [١] . وهم ينسبون في المغرب [٢] تارة في العزّة ويزعمون أنهم من بني كعب ابن سليم، وتارة في الهيب كذلك، وتارة في فزارة، والصحيح في نسبهم أنهم من مسراته إحدى بطون هوارة سمعته من كثير من نسابتهم، وبعدهم فيما بين برقة والعقبة الكبيرة أولاد سلام، وما بين العقبة الكبيرة والإسكندرية أولاد مقدّم وهم بطنان:


[١] قوله حميد وفي نسخة اخرى كميد وفي نسخة ثانية كميل بضم الكاف وفتح الميم.
[٢] وفي نسخة ثانية: ينتسبون في العرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>