للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيت غرت أمره منا وبينها ... طرود أنكاد اللي يكودها

ماتت ثلاث آلاف مرّة وأربعة ... بحرمة منا تداوي كبودها

وقال الآخر منهم

أيا رب جير الخلق من نائج البلا ... إلا القليل انجار ما لا يجيرها

وخصّ بها قرّة مناف وعينها ... ديما لأرياد البوادي تشيرها [١]

فذكر نسبهم في مناف وليس في هلال مناف هكذا منفردا، إنما هو عبد مناف والله تعالى أعلم. وكان شيخهم أيام الحاكم مختار بن القاسم. ولمّا بعث الحاكم يحيى ابن عليّ الأندلسي لصريخ فلفول بن سعيد بن خزروق بطرابلس على صنهاجة كما نذكره في أخبار بني خزروق، أو عزلهم في السير معه، فوصلوا إلى طرابلس وجرّوا الهزيمة على يحيى بن عليّ ورجعوا إلى برقة. وبعث عنهم فامتنعوا، ثم بعث لهم بالأمان، ووصل وفدهم إلى الإسكندرية فقتلوا عن آخرهم سنة أربع وتسعين وثلاثمائة. وكان عندهم معلّم للقرآن اسمه الوليد بن هشام ينسب إلى المغيرة بن عبد الرحمن من بني أمية. وكان يزعم أن لديه إثارة من علم في اختيار [٢] ملك آبائه، وقبل ذلك منه البرابرة من مرامة [٣] وزناتة ولواتة وتحدّثوا بشأنه فنصبه بنو قرّة وما بعده بالخلافة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة وتغلّبوا على مدينة برقة. وزحف إليهم جيوش الحاكم فهزموهم، وقتل الوليد بن هشام وقائدها من الترك.

ثم رجعوا به إلى مصر فانهزموا، ولحق الوليد بأرض النجاء من بلاد السودان. ثم أخفرت ذمته وسيق إلى مصر وقتل، وهدرت لبني قرّة جنايتهم هذه وعفا عنهم. ولمّا كانت سنة اثنتين وأربعمائة اعترضوا هدية باديس بن المنصور ملك صنهاجة من إفريقية إلى مصر فأخذوها، وزحفوا إلى برقة فغلبوا العامل عليها، وفرّ في البحر


[١] وفي النسخة التونسية:
طلبنا الغفر منهم وجدناه عندهم ... فلا عيب من عرب سجاح جهودها
وبت عن ذا قرّة مناف وشبهها ... طراد كدانا نحن من لا يكودها
ماتت ثلاثة آلاف مرّة ومن بقي ... مجرحة منا تداوي كبودها.
وقال آخر:
أيا رب جير الخلق من نابح البلا ... إلا القليل الخارسا لا تجيرها
وخص بها قرّة مناف ونسبها ... ديما لأباء البوادي تشيرها.
[٢] وفي نسخة ثانية: احتياز.
[٣] وفي نسخة ثانية: مزاتة وهو الأصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>