ثم ضربت الأيام ضرباتها وأخلقت جدّتهم وفشلوا وذهبت ريحهم، ونسوا عهد البداوة والناجعة، وصاروا في عداد القبائل الغارمة للجباية والعسكرة مع السلطان.
(ولنذكر الآن) فرقهم الأربع وأحياء كل واحدة منها ونحق الكلام في أنسابهم، فليست راجعة إلى جشم على ما يتبين. ولكن الشهرة بهذا النسب متصلة والله أعلم بحقائق الأمور.
هذه قبائل معدودة في جشم، وجشم المعهود هو جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن أو لعله جشم آخر من غيرها. وكان شيخهم المشهور لعهد المأمون وبنيه جرمون بن عيسى. ونسبه فيما يزعم بعض المؤرخين أيام الموحدين في بني قرة، وكانت بينهم وبين الخلط شيعة للمأمون وبنيه، فصار سفيان لذلك شيعة يحيى بن الناصر منازعة في الخلافة بمراكش. ثم قتل الرشيد مسعود بن حميدان شيخ الخلط كما نذكر بعد، فصاروا إلى يحيى بن الناصر. وصار سفيان إلى الرشيد. ثم ظهر بنو مرين بالمغرب واتصلت حروبهم مع الموحدين ونزع جرمون سنة ثمان وثلاثين وستمائة عن الرشيد ولحق بمحمد بن عبد الحق أمير بني مرين حياء مما وقع له معه، وذلك سنة ثمان وثلاثين وستمائة. وذلك أنه نادمه ذات ليلة حتى سكر وحمل عليه وهو سكران يرقص طربا. ثم أفاق فندم وفرّ إلى محمد بن عبد الحق، وذلك سنة ثمان وثلاثين وستمائة، وهلك سنة تسع وثلاثين بعدها. وعلا كعب كانون ابنه من بعده عند السعيد، وخالف عليه عند نهوضه إلى بني مرين سنة ثلاث وأربعين وستمائة ورجع إلى أزمور فملكها.
وفت ذلك في عضد السعيد فرجع عن حركته، وقصد كانون بن جرمون ففر أمامه، وحضر حركته إلى تامزردكت، وقتل قبل مهلكه بيوم قتله الخلط في فتنة وقعت بينهم في محلة السعيد، وهي التي جرت عليها تلك الواقعة. وأقام بأمر سفيان من بعده أخوه يعقوب بن جرمون، وقتل محمد ابن أخيه كانون. وقام بأمر سفيان، وحضر مع المرتضى حركة أمان ايملولين سنة تسع وأربعين وستمائة فرحل عن السلطان واختل عسكره فرجع فاتبعه بنو مرين وكانت الهزيمة. ثم رجع المرتضى وعفا له عنها، ثم قتله سنة تسع وخمسين وستمائة مسعود وعلي ابنا أخيه كانون بثأر أبيهما، ولحقا بيعقوب بن عبد الحق سلطان بني مرين، وقدم المرتضى ابنه عبد الرحمن فعجز عن القيام بأمره، فقدم عمه عبيد الله بن جرمون فعجز، فقدم مسعود بن كانون ولحق عبد